ايها الاحباء، شهدت كسروان بين العامين 1858-1860 انتفاضة شعبية ضد الحاكم بسبب تسلط بعض افراد من آل الخازن ولاسباب مرتبطة بالصراع على السلطة، وتردي الاوضاع الاقتصادية في كسروان، التي وصفها Henri Guys في 1847 بانها كانت "الاكثر ثراء والاكثر كثافة من الناحية السكانية" في الجبل (Kesrouan est le plus riche et le plus peuplé). انها حركة اعتراض غير مسبوقة في حجمها وتداعياتها للحدّ من نفوذ الحاكم وامتيازاته، وهي بالتالي اقرب الى Jacquerie (soulèvement de paysans)، بحسب Chevallier، Porath ،Kerr ،Makdisi وسواهم، منها الى الثورة (revolution)، التي غالبا ما تطيح بالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم لتستبدله بنظام آخر، قد يكون اكثر عدالة ومساواة او اكثر استبدادا واحتكارا للسلطة. الواقع ان طانيوس شاهين ورفاقه لم ينقضوا في مطالبهم شرعية آل الخازن بتولي الحكم ولم يشككوا بشرعية ملكيتهم للارض، كما اشار المؤرخ Porath. وطانيوس شاهين، الذي لم يكن يجيد القراءة او الكتابة، لم يتأثر بالثورة الفرنسية وبكتابات Rousseau و Voltaire، كما زعم البعض، ولم يكن هدف الحركة اقامة جمهورية شعبية، بحسب ما أكد مؤرخو تلك المرحلة (Kerr، Porath، Makdisi، Chevallier)، لاسيما بعد ان تجاوزت التطورات صانعي الحدث انفسهم وطغت غايات الدول الكبرى على مسار الامور، وبات همّ البطريرك مسعد، وهو صاحب النفوذ الاكبر في تلك المرحلة في كسروان، احتواء الازمة بعد ان خرجت عن سيطرة الجميع وباتت تهدد مصالح الراعي والرعية في آن معا. والمفارقة في سيرة طانيوس شاهين ان لا ذكر له في الدراسات التي تناولت جبل لبنان بعد العام 1861، وهو الذي عاش نحو 35 سنة بعد الحركة الكسروانية. سؤال افتراضي لابد من طرحه في هذا المجال: ماذا لو لم يحصل الصدام الطائفي في 1860، كيف كانت ستؤول اليه الاوضاع في كسروان؟