في الحلقة الاولى من حديث الرئيس ميشال سليمان الى موقع “الجريدة نيوز ” أشار فيها الى عزم الادراة الاميركية “التغيير ” في سياستها التي لا تؤيد التمديد لأي رئيس للجمهورية في لبنان ،ولكن يبدو أن المسؤولين الاميركيين قد عملوا الى تبديل هذه السياسة وقال دايفيد هيل للرئيس سليمان : ” أنا هنا لأطرح معك هذا الموضوع لمصلحة البلد” أجاب سليمان : أبدا ،مع العلم أن هناك مسؤولين عرب وأجانب كانت لديهم نفس الرغبة ، وهذا الكلام نفسه قلته للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي عمل على هذا الموضوع منذ أكثر من ٨ اشهر من انتهاء ولايتي في نيس لدى تسليمي شعلة الالعاب الفرنكوفونيةالسابعة.
جواب الرئيس سليمان كان لدايفيد هيل كالتالي : أنا إّذا بدي مدّد يجب أن يكون هذا الامر لمصلحة البلد ، أضاف سليمان في جوابه لدايفيد هيل : لدي مواقف حادة من حزب الله ، وإذا بقيت على مواقفي هل أستطيع أن أحكم ؟ طبعا لا ، وإذا اردت التراجع عن هذه المواقف بماذا أستطيع أن أخدم البلد بعد ان افقد مصداقيتي ؟ وبالتالي قلت ، الخروج بما أنا هو عليه افضل إذ ربما يخلق صدمة ايجابية حيث يتداعى الجميع الى تجنب الفراغ، فأردف هيل : اتمنى ان تقبل ولفترة قصيرة وقلت له الاّن ادارتك وانت تحترماني وتزورني لنقل هذه التمنيات اما ما اتوقعه لاحقاً هو ان تتصل بي في الهاتف لاقبل تمديد فترة التمديد الاولى اذا قبلتها ، وهذا ما قلته للرئيس هولاند في اّخر لقاء معه في الخامس من اذار عام ٢٠١٤ في قصر الاليزيه خلال اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان حيث قال لي هولاند : فخامة الرئيس انا إقترحت عليك أن تمددّ منذ ثمانية أشهر وكان جوابك لي “أنه من الناحية الدستورية لا يحق لي ” لكنني سألت و إستوضحت الامر وكان الجواب : نعم يمكن أن يحصل التمديد من خلال تعديل دستوري وهناك سوابق قد تم تسجيلها في لبنان ، جوابي كان : فخامة الرئيس نعم لديك الحق ، لكن لدي مواقفي الواضحة وإذا كنت تقبل أن أتراجع عنها عندها يمكن الحديث في هذا الموضوع .
وسألني الرئيس هولاند عن أي مواقف تقصد ؟
وهنا كتبت له على ورقة “أنني أعمل على تحييد لبنان وسحب تدخل حزب الله من القتال في سوريا وغيرها ومناقشةاستراتيجية دفاعية تحصر قرار استعمال السلاح وقرار السلم الحرب بيد الدولة وذلك لفترة انتقالية محدودة يصار بعدها تسليم سلاح الحزب للدولة او اعادته الى مصدره” بعد ان يكون قد تم تجهيز الجيش لتمكينه من وضع خطته الدفاعية، كما بإمساك الحدود اللبنانية الجنوبية والشرقية والشمالية من قبل الجيش اللبناني فقط.
إنطلاقا من هنا يضيف الرئيس سليمان ” للجريدة نيوز ” : بما أن مواقفي مقتنع بها وأصبحت في كل المحافل ولا استطيع التراجع عنها وبالتالي عدم إمكانية إستفادة البلد، علما أن قرار عدم القبول بالتمديد كان ايضا” مدعوما” برغبة ملحة لعائلتي الرافضة منذ قبل سنتين من انتهاء الولاية لأي تمديد كان ، رغم أن هناك أشخاص في لبنان في مواقع سياسية ولا أريد أن أذكر الاسماء لم يصدّقوا هذا الامر ، كما ان الكثير من الشخصيات والموفدين أصرّوا عليّ كي أقبل بالتمديد حتى اّخر يوم ، أضاف الرئيس سليمان : الرسالة التي أرسلتها الى المجلس النيابي في اّخر العهد أي قبل أسبوع من نهاية الولاية وقرأها الرئيس بري وفحواها هو حث النواب على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لأنني سأترك سدة الرئاسة ولا يوجد بديل ملحوظ حظيت بتقدير كبير من اكثرية الكتل النيابية.
س: كيف كان مجلس النواب مقدرا” لدورك ورسالتك ولم يبادر الى التمديد ؟
ج: التمديد يتطلب تعديلا دستوريا له أصول ولا يمكن ان يحصل في حال عدم رغبة الرئيس المنتهية ولايته ويلزمه اقتراح من مجلس الوزراء او من عدد من النواب ويجب ان يقترن بموافقة رئيس الجمهورية، ولكن السؤال البديهي لماذا لم يبادر المجلس الى انتخاب رئيس جديد ؟ الجواب هو ان التعطيل كان سيد الموقف بهدف تأمين الظروف لانتخاب العماد ميشال عون وقد حصل المبتغى بعد ان أيدته القوات اللبنانية وتيار المستقبل بتفاهمات ثنائية لا تمت بصلة الى الدستور ودولة القانون.
س: لماذا لم تشكل كتلة نيابية تدعم توجهاتك لسياسة البلاد ؟
ج: لم أكن أسعى لتشكيل كتلة نيابية لاني كنت مؤمنا” وما أزال ان صيغة لبنان السياسة لا يمكن ان يحكمها رئيسا” حزبيا” بل تتطلب رئيسا” مستقلا” وربما الكتلة النيابية تصبح عبئا” على الرئيس كما يحصل الآن، ومن اجل ذلك بالاضافة الى ان طبعي المستقل دفعني الى عدم التدخل في الانتخابات النيابية والنقابية والبلدية ، واثناء التحضير لانتخابات ٢٠٠٩ دب الهلع في نفوس بعض الاحزاب خوفا” من ان اشكل هكذا كتلة ما جعلهم يشتكون الى الرئيس ساركوزي الذي اتصل بي ليسألني اذا كنت بصدد تأسبس حزب لخوض الانتخابات وناصحا” بتأجيل هذا الخطوة كي لا تتعثر مسيرتي لانهاض البلد، فكان جوابي له مع ضحكة كبيرة انني لا ارى أن اي حزب او اي كتلة نيابية يمكن ان تزيد من شأن الرئيس اوتمنحه قيمة اضافية علما” انني بطبعي مستقل واتمنى ان يفوز في النيابة بعض المستقلين ليشكلوا مساحة مرجحة وفاصلة بين ما يسمى ٨ اذار و١٤ اذار .
وتابع سليمان موضحاً “للجريدة نيوز ” في الحقيقة والواقع انني مستقل بطبعي منذ نشأتي العائلية عندما كان والدي يؤيد ريمون ادة وليس الكتلة الوطنية ووالدتي وعائلتها يؤيدون الكتلة الدستورية وبعدها الشهابية ومرشحهم المرجوم شهيد الخوري في قضاء جبيل، وقد ازدادت النزعة الاستقلالية لدي عندما تطوعت في الجيش وكرستها في ممارسة مهامي العسكرية وفي القيادة ثم في مسؤولياتي الدستورية ما حدا ببعض السطحيين الى اتهامي انني كنت منحازا” الى ٨ اذار ضد ١٤ في أول عهدي ثم انقلبت على ٨ اذار وأصبحت مع ١٤ اذار في النصف الثاني من ولايتي ، في حين كنت احاول حفظ التوازنات السياسية لمصلحة البلاد حيث لم تكن تعنيني مصلحة استمرار سياسي عبر حزب او اقرباء، وجل ما تمنينته وما زلت اتمناه ان يتم تحييد لبنان والمحافظة على الصيغة والهوية وتعزيز قوة الدولة والدولة فقط وعندها اتوقف عن اي تصريح او الادلاء برأي سياسي.
س : هل تتوقع أن ينهار البلد بشكل كامل ؟
ج : البلد لا ينتهي لكنه مدمر وعملية إصلاح لبنان تتطلب وقتا كبيرا ، وكل ما نأمله أن يبقى عنصر الشباب في البلاد ،وحسبما قرأت في إحدى كبريات الصحف العالمية أنه يلزمنا حوالي 29 سنة كي نعود لما كنا عليه وفي أقل درجات التشاؤم يلزمه 12 سنة ، ولكن إيماني باللبنانيين يجعلني أتوقع انه اذا أصلح المسار السياسي وتم تصويبه يمكن استعادة النمو والاذدهار بسرعة.
س :أين ذهبت أموال البلد ؟
ج : هناك ما تم صرفه، ولا أتسرع وأتهم وأقول أن الاموال قد تمت سرقتها بشكل مباشر ، نعم لقد تم هدرها بواسطة التوظيفات السياسية والإلتزامات والمشاريع التي تعطى للشركات المؤيدة لسياسات المسؤولين … ومن هالك لمالك وصولا الى قباض الارواح وأي مشروع يضعون عليه نسبة مئوية للمنتفعين وهذا أبشع من الفساد ،بل أن اول حلقة في الفساد هي الهدر وبعدها التوظيف السياسي والتنفيعات ، بعدها تأتي الرشوة والسرقة بالاضافة الى المستشارين والموظفين والتغاضي عن جودة التنفيذ وعدم الكفاءة في تنفيذ الاعمال وتلزيم المشاريع للاصحاب والاقارب وهذا بمجمله شكّل النزيف الكبير في خزينة الدولة ، كما أن وجود دولة ضمن الدولة هو في حدّ ذاته يؤدي الى الافلاس ، لان ضعف الدولة وهيمنة الاحزاب المسلحة تدفع المستثمرين والمودعين الى الهرب لانهم إذا أرادوا القيام بمشروع يتم الإنقضاض عليهم لغاية المنفعة او فرض توظيفات، وإذا إشتكوا للقضاء ماذا باستطاعتهم ان يفعلوا ؟ ولا ننسى ان الرأسمال جبان وعندما لا يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة فالخشية من اشتعال الحرب مع العدو الاسرائيلي تبقى واردة مع ما يرافقها من ضرب وتدمير للمصانع والبنية التحتية والمواصلات ، أما الطامة الكبرى تكمن في الفساد السياسي والدستوري والقانوني حيث التمديد والفراغ والتأجيل هم أسياد الموقف.
س: هل تعتبر أن أموال المودعين قد طارت ؟
ج: نعم أنا متخوف على جزء كبير من أموال المودعين وربما ليس كلها بفعل موجودات المصارف ،وفي مطلق الاحوال ذهب القسم الاكبر من ايداعات الناس ، ويمكن على سبيل المثال من لديه في المصارف مبلغ مئة ألف دولار ان يستبدلها بعشرةألاف نقدا” لانه محتاح ، وبالتالي نعم طار جزء كبير من أموال المودعين وقال : عندما يلتزم حزب الله بالدولة عندها تستطيع البدء بالوقوف على قدميها ،وعندما يقول الحزب أنا مع الحياد ويتخلى عن سلاحه ويترك الحدود الجنوبية والسورية – اللبنانية لأجهزةالدولة عندها فقط تستقيم الامور .
س: هل جلجلة هذا البلد طويلة جدا ؟
ج: أتمنى أن لا يكون موضوع لبنان مرتبط بشكل كلي بما يجري على صعيد الاتفاق النووي مع العلم أن المفاوضات الجارية تضع في سلّم أولوياتها أمن اسرائيل ، وكنت أتمنى أن يكون لنا موقف واضح من هذه المفاوضات لكن نحن صامتون ،أضاف : نحن كلبنانيين عدونا هو اسرائيل والصراع معها يبدو طويلا لكن الكلفة كبيرة وهذا ما نشهده الاّن ، وقال : على حزب الله اعطاء صواريخه للجيش اللبناني وبإستطاعة الجيش إستيعاب هذه المنظومة الصاروخية وهذا من ضمن الإستراتيجية الدفاعية التي كان من المفترض ان تتم مناقشة التصور الذي رفعته عام ٢٠١٢ الى هيئة الحوار الوطني ولكن شيئا” من ذلك لم يحصل.
س :هل بالإمكان تشكيل حكومة قبل الانتخابات ؟
نعم ستتشكل حكومة قبل الانتخابات ولكنها لن تستطيع اصلاح الوضع الاقتصادي المنهار وربما تتمكن من اخذ التدابيراللازمة لاجراء الانتخابات.
س :الانتخابات النيابية هل ستغيّر في المشهد السياسي بشكل جذري على ضؤ بعض الانتخابات النقابية ؟
ج :يمكن للانتخابات ان تغير في التمثيل النيابي ولكن المشكلة تبقى اقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه لصالح الدولة والتزامه بالتحييد عن الصراعات ، والتزام الحكومات الجديدة بتنفيذ تعهدات لبنان تجاه المجتمع الدولي، وهذا يتطلب من الهيئات المنتخبة المطالبة حهاراً بذلك وادراجها في برامجهم الانتخابية.
س : هل يحصل تدخل أجنبي فرنسي- سعودي لمنع إنهيار لبنان ؟
ج :إن التدخل الفرنسي حاصل الاّن دون ان يؤدي لغاية تاريخه الى نتيجة تذكر سوى كبح احلام الذي يريدون التمديد والتأجيل للاستحقاقات الدستورية المقبلة: بلدية، نيابية، حكومية وربما رئاسية، وأيضا فعلت الثورة فعلها في دعم اجهزة القضاء لاتخاذ الاحكام الصحيحة والحازمة وأولها وليس آخرها مسار التحقيق في تفجير ٤ آب 2020
أما التدخل السعودي فيمكن قراءته في تصريح وزير الخارجية السعودي بعد اجتماعه في روما مع بلينكن ولودريان، حيث قال: دعمنا لبنان بعشرات المليارت من الدولارات فكانت النتيجة تحكم حزب الله بالقرار اللبناني والادارة وعدم تطوير البنى التحتية وتحسين حياة الناس بالمقدار المناسب .