طنية – الفاتيكان – اعتبر سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الياس الخازن أن “لبنان في صلب اهتمامات البابا ودوائر الكرسي الرسولي”.
وقال في حديث إلى “الوكالة الوطنية للإعلام” بعد لقاءات قام بها في الفاتيكان مع كبار المسؤولين الذين يعتبرون بلد الأرز في سلم أولوياتهم: “الأحداث الأخيرة في 14 تشرين الأول تخص الواقع اللبناني بتفاصيله وظروفه في ظل أزمات اقتصادية ومالية غير مسبوقة. لكن بمعزل عن الأحداث، إن الفاتيكان غير قادر على القيام بدور حاسم لوضع حد لصدام غير مرتبط مباشرة بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الشعب اللبناني”.
وإذ رأى أن “مسار تأليف الحكومة جاء بهدف إخراج البلاد من أوضاع خانقة أصابت الأفراد والجماعات في البيئات كافة، الطائفية والمناطقية والسياسية”، قال: “الكرسي الرسولي حريص بالدرجة الأولى على العدالة وحقوق الإنسان واحترام القانون، بمعزل عن المشهد السياسي المأزوم وتجاذبات الداخل لأي سبب كان. إنها مسائل مبدئية تلازم عمل الكرسي الرسولي في ورشة إصلاح أطلقها البابا فرنسيس في السنوات الأخيرة، وهي متواصلة بزخم لافت. الفاتيكان لا يوفر فرصة لمد يد العون الى لبنان في كافة المجالات. وكان ثمة ارتياح لتشكيل حكومة جديدة لمسته من كبار
المسؤولين المتابعين للشأن اللبناني في الكرسي الرسولي”.
أضاف: “أما في المجال الديبلوماسي، فلبنان بند دائم على أجندة المحادثات التي يجريها كبار المسؤولين في الفاتيكان، ومنها أخيرا مع رئيس حكومة فرنسا جان كاستيكس خلال زيارته الأسبوع الماضي الكرسي الرسولي، وعلى الأرجح في لقاءات الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته المرتقبة آخر الشهر الجاري. وهذا حصل أيضا خلال زيارة وداعية قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا مركل الى الفاتيكان منذ نحو شهر”.
وأشار الخازن الى أن “زيارة رئيس حكومة فرنسا والوفد المرافق الذي ضم وزيري الخارجية والداخلية كانت لافتة إن لجهة مضامينها وإن بالنسبة الى الاهتمام المميز الذي أبداه الطرفان”. وقال: “جاءت الزيارة لمناسبة مئة عام على استعادة العلاقات الديبلوماسية بين فرنسا والكرسي الرسولي. وكان سبقها زيارة مماثلة لأمين سر دولة الفاتيكان الكردينال بارولين الى فرنسا منذ فترة قصيرة. فبالإضافة الى لقاء رئيس الوزراء الفرنسي والوفد المرافق قداسة البابا، ألقى رئيس الحكومة كلمة بالغة الأهمية تناول فيها المسار التاريخي للعلاقات بين فرنسا والكرسي الرسولي، وكذلك فعل الكردينال بارولين، في السفارة الفرنسية بحضور مدعوين، رجال دين ودنيا وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي. هذا فضلا عن الاهتمام الإعلامي، المحلي والأجنبي، بالزيارة التي وصفت بالتاريخية. ولم يغب الحرص المتبادل لكلا الطرفين على تعزيز العلاقات الثنائية، مع التسليم بخصوصية مضامينها ومفاعيلها، إن لجهة ثوابت الدولة العلمانية في فرنسا أو فيما يخص الحضور الفاعل للكنيسة الكاثوليكية، ماضيا وحاضرا”.
وتابع: “كان لي لقاء جانبي مع وزير خارجية فرنسا السيد لودريان تناولنا فيه أوضاع لبنان، والتي تحتل حيزا هاما في السياسة الخارجية الفرنسية قد يوازي بأهميته مسائل مرتبطة بدور فرنسا وموقعها في السياسة الدولية. الواضح أن قيام حكومة جديدة شكل مدخلا للانطلاق في مسار إيجاد الحلول الممكنة للأزمات القائمة، على رغم التعثر الحالي، والذي لا يبدو سببا للتراجع الفرنسي أو لإحداث تبديل في المسار القائم. ولا بد من الإشارة الى التوافق في وجهتي نظر فرنسا والفاتيكان بشأن لبنان، وفي ذلك تقاطع وازن في السياسة الخارجية لكلا الطرفين”.
وعن إحتمال زيارة الحبر الأعظم للبنان، قال: “زيارة البابا فرنسيس الى لبنان واردة طبعا، وإن بحسب التوقيت الفاتيكاني. وقد أشار الحبر الأعظم الى رغبته بزيارة لبنان في غير مناسبة. إلا أن برنامج الزيارات مرتبط بالتوقيت والأهداف المرجوة. وما تم تداوله سابقا في بعض وسائل الإعلام لجهة ربط زيارة البابا الى لبنان بتشكيل حكومة غير دقيق، بحسب ما أكدت مصادر فاتيكانية رسمية. قبل نهاية العام الجاري، من المتوقع أن يزور البابا اليونان وقبرص في مطلع كانون الأول. الكرسي الرسولي منشغل الآن بإطلاق السينودس الخاص حول Synodalité الذي حرك نقاشا واسعا وشائكا في أوساط الكنيسة في الفاتيكان وحول العالم”.
ولفت الى أن “البابا فرنسيس أعطى لبنان اهتماما مميزا وذلك بدعوة رؤساء الكنائس الى الفاتيكان وحضوره النقاشات طوال يوم كامل في الأول من تموز 2021″، معتبرا أن “هذه مبادرة لم يحصل مثيل لها من قبل في زمن أي من الباباوات المعاصرين، وكان أوفد البابا الكردينال بارولين الى لبنان، منتدبا عنه، بعد أيام قليلة من انفجار مرفأ بيروت. ومن المتوقع أن يزور وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور كالاغر لبنان في وقت قريب”.
وختم الخازن: “بكلام آخر، لبنان في صلب اهتمامات البابا ودوائر الكرسي الرسولي والزيارة على جدول الأعمال. وللتذكير، سبق ان تأجلت زيارة البابا الى بلده الأرجنتين، كما أن زيارة العراق الأخيرة أتت بعد تأجيل لسنوات، وتحديدا منذ زمن البابا يوحنا بولس الثاني”.