Khazen

جمعية مبادرات للانماء

مؤتمر البلديات والتنمية المحلية: الواقع والآفاق

بيت عنيا، حريصا 27/2/2010

النائب الدكتور  فريد الخازن 
 

مقتطفات من كلمة النائب فريد الياس الخازن في مؤتمر البلديات والتنمية المحلية: الواقع والآفاق، الذي نظمته جمعية مبادرات للانماء في 27/2/2010. 
 

ينعقد هذا  المؤتمر حول موضوع يهم الاكثرية الساحقة من اللبنانيين، لا لان  البلاد دخلت في زمن الانتخابات البلدية  فحسب  بل لان العمل البلدي يعني الناس مباشرة في حياتهم اليومية، في قراهم وبلداتهم ومدنهم. في لقائنا اليوم  نستعيد البعد الانمائي في العمل في الشأن العام عبر التركيز على دور البلديات في التنمية المحلية وليس فقط على الانتخابات البلدية بما هي من آلية تنافس ديمقراطي تغلب عليه الاعتبارات المحلية. فبموازاة الاهتمام بالبنى التحتية وشبكات الطرق والمياه وسواها من المشاريع الحيوية، يأتي الانماء المرتكز على الرؤية والتخطيط وعلى اساس برامج عمل واضحة. اما الاطار المؤسساتي الذي ينظم هذه التطلعات فيتمثل بالمجالس البلدية التي تجسد بدورها اللامركزية الادارية في التنمية والتطوير على المستوى المحلي. 
 

قبل عقود،  وتحديدا في مرحلة ما قبل الحرب في لبنان، كان عمل البلديات الانمائي في بداياته، خصوصا في المناطق النائية، كما ان موارد البلديات المالية وامكاناتها البشرية كانت محدودة. الا ان العائق الاكبر لعمل البلديات في تلك المرحلة تمثل بعدم تجديد مجالسها عبر الانتخاب الدوري والمنتظم، بعد تأجيل الانتخابات من العام 1963 الى العام 1998، وهذا ما ادى الى تعطيل امكانية محاسبة المواطنين لاداء البلديات طيلة 35 سنة. في مرحلة ما قبل الحرب تأجلت الانتخابات البلدية لاسباب مرتبطة بالاوضاع السياسية والامنية التي سادت في البلاد، خصوصا منذ اوآخر الستينات، الى حين اندلاع الحرب في 1975 فتعطلت مؤسسات الدولة وتشرذم المجتمع. وبعد انتهاء الحرب دام الانتظار ثماني سنوات لكي تستعيد البلديات حضورها عبر الانتخابات في العام 1998، وذلك بعد مطالبة حثيثة وفاعلة من هيئات المجتمع المدني وبعد ان تم حل عدد كبير من البلديات وتعطل العمل بمعظمها.

اما اليوم، فنحن واياكم نتطلع الى انتخابات بلدية تتم في موعدها في ايار – حزيران 2010ØŒ على رغم ان الكلام المتداول، وكما هي العادة بالنسبة الى اي استحقاق انتخابي في لبنان، يرجّح تأجيل الانتخابات. الا ان التأجيل لن يكون بالامر السهل اذ يصعب ايجاد الذرائع والحجج لعدم اجراء الانتخابات في موعدها القانوني في ظل حكومة وفاق وطني تضم القوى السياسية الاساسية ومجلس نيابي يعمل بصورة طبيعية، وفي ظل اوضاع امنية مستقرة، لابل ان الفرصة متاحة الآن للتأكيد على اهمية التقيد بمواعيد الاستحقاقات القانونية والدستورية لاسيما بعد الازمات التي عانت منها البلاد في السنوات الاخيرة. 
 

اما التعديلات  المطروحة في قانون Ø§Ù„انتخابات البلدية  فبدأت Ø§Ù„حكومة Ù…ناقشتها منذ Ù†Ø­Ùˆ  شهرين ÙˆØ³ØªØ­Ø§Ù„ الى Ù…جلس النواب قريبا. فاذا سلمت النيات فلا يوجد مبرر يحول دون اقرار ما قد يتفق عليه من تعديلات مع الالتزام باجراء الانتخابات في موعدها. ذلك ان التأجيل لاسباب غير مقنعة سيشكل سابقة يمكن استحضارها لتأجيل الانتخابات البلدية في اي وقت او ظرف فندخل عندئذ في دوامة التأجيل المتواصل. فما الفرق بين اجراء الانتخابات في موعدها المقرر او بعد اشهر قليلة، طالما ان القوى السياسية نفسها هي التي ستقرر ما سينجز من تعديلات في القانون اليوم او بعد حين؟ 
 

فبينما Ø§Ù„اصلاحات  المطروحة ضرورية، ÙˆÙ…ضامينها Ù…عروفة من الجميع، ÙØ§Ù† Ø§Ù„سؤال المركزي  يتمحور حول Ø§Ù„غاية من الاصلاح Ø§Ù„منشود. هل ان التعديلات Ø§Ù„مقترحة هدفها ØªØ­Ø³ÙŠÙ†  التمثيل ÙÙŠ المجالس Ø§Ù„بلدية، ام تحسين  مسار العملية Ø§Ù„انتخابية، Ø§Ù… ان الغاية من الاصلاحات ØªØ¹Ø²ÙŠØ² Ø§Ø¯Ø§Ø¡ المجالس  البلدية Ù„جهة الالتزام بمعايير Ø§Ù„حكم  السليم، Ø§Ù… تشجيع Ø§Ù„تضامن Ø¯Ø§Ø®Ù„ المجلس لتفعيل الانتاجية ÙˆØªØ¹Ø²ÙŠØ² دور  البلدية Ø§Ù„انمائي، Ø§Ù… ان الهدف  هو تمكين Ø§Ù„ناخبين من المساءلة Ùˆ المحاسبة الفعالة؟ هذه هي الاعتبارات الاساسية التي يجب الانطلاق منها لانجاز الاصلاح بهدف تأمين الرابط المجدي بين الجانب النظري للتعديلات المقترحة والجانب العملي منها في الواقع اللبناني، السياسي والاجتماعي.  
 

فاذا ÙƒØ§Ù†  التمثيل Ø§Ù„صحيح على اساس نظام الاقتراع النسبي اولوية في الاصلاح ØŒ فالسؤال هو من نمثل ولأي هدف اصلاحي؟ في الدول الديمقراطية، التمثيل الصحيح يعني التمثيل العادل للخيارات الاقتصادية والسياسية والانمائية في السلطة المحلية. اما في لبنان فالتمثيل الصحيح لا يعكس بالضرورة خيارات السياسات (policies) الانمائية أو الاقتصادية للاطراف المتنافسة. فاذا كانت الانتخابات المحلية تخاض في الدول الديمقراطية على اساس حزبي وتعكس توجهات السياسات العامة لتلك الاحزاب، فان الانتخابات البلدية في معظم بلدات لبنان تخضع لاعتبارات محلية، وفي مقدمها تمثيل العائلات وتحالفاتها، وغالبا ما تغيب عنها السياسات الانمائية العامة. والسؤال هنا هل ان عدالة التمثيل ستترجم عدالة في تمثيل خيارات الناخبين الانمائية ام "تمثيل صحيح" للخلافات الضيقة التي غالبا ما تطفى على طريقة تعاطي المسؤولين في الشأن العام على المستويين المحلي والوطني؟  
 

 Ø«Ù…Ø© Ø§Ø´ÙƒØ§Ù„ية  اخرى Ù…طروحة ÙÙŠ Ù†Ø¸Ø§Ù… Ø§Ù„اقتراع  النسبي Ø¶Ù…Ù† Ø§Ù„لائحة Ø§Ù„مقفلة  وهي Ù†Ø§ØªØ¬Ø© Ù…Ù† ØµØ¹ÙˆØ¨Ø© Ø§Ù„توافق  على ØªØ±ØªÙŠØ¨ Ø§Ø³Ù…اء Ø§Ù„مرشحين Ø¨ÙŠÙ†  اعضاء Ø§Ù„لائحة Ø§Ù„واحدة. ÙˆØªØµØ¨Ø­  المسألة Ø´Ø§Ø¦ÙƒØ© ÙÙŠ Ø§Ù„نصف Ø§Ù„ثاني  من Ø§Ø³Ù…اء Ø§Ø¹Ø¶Ø§Ø¡ Ø§Ù„لائحة Ø­ÙŠØ«  يزيد Ø§Ø­ØªÙ…ال Ø§Ù„خسارة ØªØ¯Ø±ÙŠØ¬ÙŠØ§  وبالتالي ÙŠØµØ¹Ø¨ ØªØ´ÙƒÙŠÙ„ Ù„ائحة  انتخابية ÙˆÙ„Ùˆ Ø¨Ù†Ø³Ø¨Ø© ØªØµÙ„ Ø§Ù„Ù‰  ثلثي Ø¹Ø¯Ø¯ Ø§Ù„مرشحين Ø§Ùˆ Ø§Ù‚Ù„  ضمن Ø§Ù„لائحة Ø§Ù„واحدة، ÙƒÙ…ا Ù‡Ùˆ  مقترح. Ø§Ù…ا Ø§Ø°Ø§ ÙƒØ§Ù† Ø§Ù„نطاق  البلدي ÙŠØ´Ù…Ù„ Ø¹Ø¯Ø© Ø¨Ù„دات Ù„ها  كيانها Ø§Ù„تاريخي، Ù…ثلما Ù‡ÙŠ  حال Ù…دينة Ø¬ÙˆÙ†ÙŠÙ‡ØŒ Ø§Ù„مؤلفة Ù…Ù†  اربع Ø¨Ù„دات Ù‡ÙŠ ØµØ±Ø¨Ø§ØŒ ØºØ§Ø¯ÙŠØ±ØŒ  حارة ØµØ®Ø±ØŒ ÙˆØ³Ø§Ø­Ù„ Ø¹Ù„ما، ÙØ§Ù„مسألة  عندئذ ØªØ²Ø¯Ø§Ø¯ ØµØ¹ÙˆØ¨Ø© Ù„يس ÙÙ‚Ø·  بالنسبة Ø§Ù„Ù‰ ØªØ±ØªÙŠØ¨ Ø§Ù„اسماء  بحسب Ø§Ù„اتجاهات Ø§Ù„عائلية ÙˆØ§Ù„سياسية  بل Ø§ÙŠØ¶Ø§ Ø¹Ù„Ù‰ Ø§Ø³Ø§Ø³ Ø§Ù†ØªÙ…اءات  المرشحين Ø§Ù„Ù‰ Ø§Ù„بلدات Ø§Ù„اربع. وتزداد Ø§Ù„امور ØªØ¹Ù‚يدا ÙÙŠ Ø­Ø§Ù„  اعتمدت Ø§Ù„كوتا Ø§Ù„نسائية ÙÙŠ  اللائحة Ø§Ù„مقفلة ÙÙŠØµØ¹Ø¨ Ø¹Ù†Ø¯Ø¦Ø°  ايجاد ØªØ±ØªÙŠØ¨ ÙŠØ­ÙØ¸ Ù„لمرشحات  على Ø§Ù„لائحة ÙØ±Øµ Ø§Ù„نجاح.  
 

تبقى Ø§Ù„اشارة  الى Ø§Ù† الفوز Ø³ÙŠÙƒÙˆÙ† Ù…Ù† نصيب مرشحين في لائحتين Ø§Ùˆ اكثر، ÙˆÙ‡Ø°Ø§ يعني انتخاب مجالس Ø¨Ù„دية ØªØªÙ…ثل ÙÙŠÙ‡Ø§ جميع الاطراف  المتنافسة ÙÙŠ البلدة مع اكثرية للائحة التي تفوز باكبر Ø¹Ø¯Ø¯ Ù…Ù† الاصوات  ويكون Ù…نها الرئيس ونائب Ø§Ù„رئيس بنسبة %51ØŒ Ø§Ù„ا Ø§Ù† هذه Ø§Ù„مجالس ØªØ¹ÙƒØ³ الخلافات والانقسامات Ø§Ù„موجودة في البلدة بتلاوينها Ø§Ù„عائلية والسياسية ÙƒØ§ÙØ©. وفي Ù‡Ø°Ù‡ Ø§Ù„حالة، Ù†ØªØ³Ø§Ø¡Ù„ هل سيتحسن الاداء في العمل Ø§Ù„بلدي، Ø§Ù… ان حالات  التعطيل Ø§Ù„معهودة ستزداد خصوصا ÙˆØ§Ù†  الاكثرية في المجلس البلدي في النظام النسبي ستكون Ø¹Ù„Ù‰ Ø§Ù„ارجح بفارق Ø¹Ø¶Ùˆ  او عضوين، الامر Ø§Ù„ذي قد يحرم المجلس من الاكثرية المطلوبة في حال Ø§Ù†Ø­Ø§Ø²  احد Ø§Ø¹Ø¶Ø§Ø¡ Ø§Ù„اكثرية الى Ø§Ù„طرف  الآخر؟ عمليا، هذا ÙŠØ¹Ù†ÙŠ ان الاقتراع النسبي المقترح Ø³ÙŠØ¤Ø¯ÙŠ Ø§Ù„Ù‰ Ù‚يام بلديات باكثرية Ø¶Ø¦ÙŠÙ„Ø© Ù‚ابلة Ù„لتبدل،  خصوصا Ø§Ù† الالتزام باللائحة غالبا  ما يكون على Ø§Ø³Ø§Ø³ مصلحي ÙˆÙØ±Ø¯ÙŠ ÙˆÙ„يس على Ø§Ø³Ø§Ø³ الالتزام ببرامج واضحة Ø§Ù„معالم  والاهداف. 
 

اما الاقتراحات الاصلاحية Ø§Ù„اخرى المطروحة، ÙˆÙÙŠ  مقدمها قسيمة Ø§Ù„اقتراع المعدة سلفا من وزارة Ø§Ù„داخلية في نظام اقتراع نسبي أو اكثري، فهي ØªØ´ÙƒÙ„ نقلة نوعية ÙÙŠ تحسين Ø§Ù„عملية Ø§Ù„انتخابية والحد  من التأثير Ø§Ù„سلبي في خيارات الناخبين. كما Ø§Ù† الكوتا النسائية في الترشيح  او في الانتخاب تساهم ÙÙŠ تحسين Ø§Ø¯Ø§Ø¡ المجالس Ø§Ù„نيابية لا بسبب تمثيلها  للمرأة فحسب بل لان Ø§Ù„مرأة غالبا  ما تكون اكثر تحررا Ù…Ù† المحسوبيات وخارج  دائرة Ø§Ù„محاصصة المعهودة قبل Ø§Ù„انتخابات وبعدها. وقد ÙŠÙƒÙˆÙ† طرح Ø§Ù„شهادة Ø§Ù„جامعية كشرط للترشح غير Ù…رغوب Ø¨Ù‡ في بعض  الاوساط، الا Ø§Ù† شرط Ø§Ù„حصول على  شهادة Ø§Ù„بكالوريا ليس ØªØ¹Ø¬ÙŠØ²ÙŠØ§ØŒ لابل انه Ø§Ù„حد الادنى من المؤهلات العلمية المطلوبة في مطلع القرن الواحد والعشرين. اما تذرع البعض بعدم المساواة في شروط الترشح بين رئيس البلدية ونائبه من جهة والنائب من جهة اخرى بالنسبة الى المؤهلات العلمية،  فلا بد ان يتصحح فتصبح شهادة البكالوريا شرطا للترشح في الانتخابات النيابية والبلدية على حد سواء. 
 

نطرح Ù‡Ø°Ù‡  التساؤلات Ù„ابهدف التشكيك Ø¨Ø§Ù„نيات  الصادقة Ù„اصحاب الطروحات الاصلاحية  بل لاننا Ù†Ø£Ø®Ø° الانتخابات البلدية  ودور البلديات الانمائي على Ù…حمل الجد. وهي Ø¨Ù†Ø¸Ø±Ù†Ø§ اهم Ù…Ù† الانتخابات النيابية بالنسبة Ø§Ù„Ù‰ Ø§Ù„تعاطي Ø§Ù„مباشر  مع مطالب Ø§Ù„ناس ÙˆØ§ÙˆÙ„وياتهم في حياتهم اليومية. الا Ø§Ù† اللافت في السجال حول  قانون Ø§Ù„انتخابات البلدية Ø§Ù†Ù†Ø§ انتقلنا  في فترة وجيزة Ù…Ù† موقف غير Ù…ؤيد لنظام  الاقتراع النسبي الى Ø·Ø±Ø­ ÙˆØ²ÙŠØ± الداخلية لتطبيق النسبية ÙÙŠ المدن Ø§Ù„كبرى،  الى ØªØ±Ø¬ÙŠØ­ Ø§Ø¹ØªÙ…اد النسبية (في جلسة مجلس الوزراء Ø§Ù„اخيرة) في قرى ÙˆØ¨Ù„دات لبنان Ø¬Ù…يعها. هل هي مزايدة سياسية عابرة، ام محاولة لرفع السقف Ø§Ù„Ù‰ Ø­Ø¯Ù‘ Ø§Ø³ØªØ­Ø§Ù„Ø©  الاتفاق Ø­ÙˆÙ„ Ù…ضامين القانون، ام تمهيد  لاعتماد Ø§Ù„نسبية ÙÙŠ الانتخابات النيابية،  هذا Ù…ع العلم Ø§Ù† الهوة ÙƒØ¨ÙŠØ±Ø©  بين Ù†Ø³Ø¨ÙŠØ© Ø¹Ù„Ù‰ Ø§Ø³Ø§Ø³ لاطائفي، مثلما  هي الحال ÙÙŠ الانتخابات البلدية، واخرى  على Ø§Ø³Ø§Ø³ طائفي ÙˆÙ…ذهبي. اما Ø§Ø°Ø§  اراد البعض Ø§Ù„دخول في عملية Ø§Ø®ØªØ¨Ø§Ø± لنظام Ø§Ù„اقتراع النسبي، ÙÙŠÙ…كن  اعتماد النسبية ÙÙŠ المدن Ø§Ù„كبرى،  حيث Ø§Ù„تنوع في خيارات الناخبين مؤمنا، بدل Ø§Ù„قفز ÙÙŠ المجهول Ø¹Ù„Ù‰ Ù…ستوى  الوطن. انها تساؤلات Ù†Ø¶Ø¹Ù‡Ø§ Ø¨Ø±Ø³Ù… الحكومة  والمجلس Ø§Ù„نيابي ÙˆØ§Ù„ناخبين.