لا بد من ان يتبادر الى الذهن هذا السؤال: ترى ما هي الجريمة التي اوجبت انزال فاجعة الاعدام بالشقيقين فيليب وفريد الخازن ؟
اجل ان الشهيدين فيليب وفريد الخازن لم يقترفا ذنبا ضد الدولة التركية: فلا هما سعيا يوماً بتوسيع حدود لبنان عما كانت عليه، ولا بسلخ شيء من املاك الدولة واتباعه الى لبنان، ولا دخلا يوماً في احدى الجمعيات التي تألفت ضد الدولة اية كانت اهدافها وكلما هنالك انهما كانا حريصين جداً على الامتيازات التي اعطيت الى لبنان اثر حوادث 1860، وفي سبيل ذلك كانا يكتبان وكانا احياناً يلجآن الى الدول الاوربية الكافلة لهذا النظام لا سيما دولة فرنسا. وكان هذا يحز في قلب رجال تركيا الفتاة ويثير حقدهم وزاد في نقمتهم ترجمة المحررات السياسية الى العربية وفيها ما لا يروق لهم نشره. فلما اتتهم الفرصة بطشوا بهما انتقاماً لا غير.
ألحديث ألذي جرى بين ألشيخ كسروان وألأمير أمين أرسلان قبل حدوث ألفاجعة:
جرى حديث للشيخ كسروان مع الامير امين ارسلان قبل الفاجعة بنحو ثلاثة ايام ، وكان الامير مطلعاً على ما يجري في المحاكمات والمجلس العربي وكان صادقاً وعادلاً. وكانت الدلائل تشير الى اضمار الشر عليهما. فقال كسروان للامير : "اتعرف ايها الامير ما الذنب الذي يتهمونهما به" ؟
اجاب- "نعم قد اطلعت على ترجمة اوراقهما الموجودة في القنصلاتو، والمترجم قد لطف عباراتها وهي تدور على المسائل اللبنانية –
فقال كسروان "ايوجد غير ذلك ايها الامير مما اتُهم به غيرهما" ؟ –
فأجابه ألأمير: "لا" –
فقال كسروان: "وهل يعد من يحافظ على سقف بيته من السقوط مجرماً" ؟ –
فقال الامير: "يا اخي ان الدولة قد أُرغمت على الاعتراف بنظام لبنان ، وتعد كل من يسعى وراء تحقيقه مجرماً" .
عند هذا ايقن كسروان بوقوع الشر وبكى.
ألأثباتات لبراءة ألأخوين :
ومما يثبت براءتهما ان احد الاصحاب كان ذات يوم يتناول الطعام في نزل ببيروت، وحدث انه جلس على طاولة بقرب طاولة رئيس التحقيق ومدعي عام المجلس، وكانا يتكلمان همساً عن قضية فيليب وفريد فادار نحوهما كل انتباه ، ووعى ما تحدثا به فاذا رئيس التحقيق يقول: "طلبت احدهما فريد واخذت اباحثه مدة خمس ساعات متوالية املاً ان اوقعه فلم افلح" .
وبعد الانتهاء من استجوابهما طلبت هند احد اعضاء المجلس، وهو لبناني، وسألته:
"هل محاكمة فيليب وفريد انتهت" ؟
"وما هو ذنبهما، وما هو الحكم الصادر بحقهما" ، فاجابها: "نعم قد انتهى كلشي وبعرفي اقسم لكِ انهما بريئان . اما الحكم فهو راجع لارادة جمال باشا. فاذا امر بابعادهما يسيران للحال الى المنفى، واذا لا سمح الله" قال "لا! لا! لا تجزعي ان يد الله فوق يدنا". وقال ذلك بتأثر.
واخيراً كلمة فريد الرهيبة الى زوجته هند بعد انتهاء المحاكمة وتوقع الشر المنتظر: "واقسم لك بموقفنا الرهيب، وبحياتك، وبرحمة الموتى الذاهبين اليهم اننا ابرياء من كل ذلك ولا يوجد سوى ما تضمنه استجوابنا المفصل في العريضة التي رفعتها الى المتصرف.. استغفركِ مجددً طالباً اليك دوام الصلوات، جعل الله هذه المحنة اخر محنكِ"!
ألمصادر :
كتاب ألأنساب للعائلة ألخازنية للأب فيليب ألخازن , ألصفحات 170-176 (لا يشمل ألقصيدة) .
كل ألحقوق محفوظة لهذا ألموقع www.khazen.org
|