لا "قرار" اتهام ولا "قرار" ظنّي
بل " لائحة " اتّهام
يكاد لا يمرّ يومٌ ، بل لا تنقضي ساعة، من دون أن نقرأ أو نسمع، أوحتى نرى في وسائل الإعلام، ما "يحور ويدور" حول " المحكمة الخاصّة للبنان" أو " الخاصّة بلبنان"، وبصورة أخصّ حول " القرار الظنّي أو قرار الاتهام" . ولم يقتصر الحديث أو التصريح أو المناظرة على السياسيين "وأصحاب الخبرة " بل تعدّاه إلى بعض رجال القانون .
وكنت آليت على نفسي ألاّ أدخل هذا " العراك " لعدّة أسباب، أهمّها، أن ليس لكلّ هذا " الجدال " أيُّ جدوى فعليّة، لأنّ الموضوع سياسيّ بامتياز، حتّى أنّه لو لم تكن "المحكمة " قد أُنشئت أصلاً، فَلَرُبّما طُرحت قضية أخرى تتصّف بالعنف نفسه، وكذلك بالتصلّب، فضلاً عن أنّ كلّ هذه الضوضاء الحافلة بالانفعالات، لا تأثير لها البتّة في مسار المحكمة، ولا طبعاً في وجودها .
ولكن، نظراً للجهل وللمغالطات، والأخطاء والالتباسات التي تُبَثُ يوميّاً، سواء عن قصد أو عن غير قصد، وتوقِع المواطنَ في حالة اضطراب، غالباً ما يؤدّي إلى شلّ فكره، وبالتالي إلى طمس رأيه الخاصّ، ممّا يُخضعه لتبعيّة الاصطفافات المعروفة، سواء أكانت مذهبيّة أم حزبيّة. ونَظراً خصوصاً لتقنيّة الموضوع،عدلت عن موقفي. وها أنا أتقدّم من القارىء، الّذي يريد أن يطّلع ولو عَرَضاً على مجريات المحكمة الخاصّة بلبنان، بإيضاحات حول نظام هذه المحكمة، والأصول المتّبعة لديها، والتي تختلف كليّاً عمّا ألِفناه في نظامنا الجزائي اللّبناني، المُقتَبَس عن النظام الفرنسيّ،علّ القارىء يتوصّل إلى تكوين قناعة شخصيّة عن هذه المحكمة، بمعزل عن المواقف والآراء المتداولة، فيدرك أنْ ليس ثمّة " قرار اتّهام" يصدر، لا عن المدّعي العامّ ، ولا عن قاضي الإجراءات التمهيديّة، علماً أنّه بمستطاع أيّ كان، أنْ يأخذ عن المحكمة نفسها، ما يجعله مُتيقناً ممّا ذكرناه،وذلك بمجرّد مراجعة موقعها الألكتروني .
إلاّ أنّه يقتضي التمييز بين الإجراءات القضائيّة التّي تمّت في لبنان، بدءاً بالنيابة العامة التمييزيّة والمحقّق العدليّ، والإجراءات التّي تقوم بها المحكمة الخاصّة في مراحلها كافة بدءاً بالادعاء الممثل بالسيّد ميليس،مروراً بالسّادة "بلمار" وقاضي الإجراءات التمهيديّة "فرنسين"،والمحاكمة الابتدائية، وانتهاءً بالهيئة الاستئنافيّة، وستقتصر مداخلتي هذه على عرض مبسّط للاجراءات المتّبعة لدى المحكمة الخاصّة بلبنان، مقابل تلك المتّبعة في لبنان.
Ùمن خلال مراجعة النصوص التّي ترعى المØكمة الخاصّة بلبنان، ومن خلال مقارنتها باللّغات الثلاث الرسمية المعتمدة، أي الأنجليزيّة والÙرنسيّة والعربيّة،يتبيّن أنّ نظام المØكمة، يطغى عليه الطابع الأنجلو- ساكسوني، مقابل الطابع الÙرنكو-لاتيني، المعتمد ÙÙŠ لبنان،مع المزج بين النظامين الإجرائيّين ÙÙŠ Øالات معيّنة، Øيث لم ÙŠÙعتمد نظام المØلّÙين، واستÙعيضَ منه بنظام القضاة المهنيين المØترÙين، وذلك بالنسبة إلى الهيئات الثلاث، التي تؤلّ٠المØكمة،أي "قاضي الإجراءات التمهيدية، "عوضاً من"هيئة المØلّÙين الكبرى"Grand Jury (عدد أعضائها،ما بين12Ù…ØلّÙاً على الأقلّ وغالباً من23Ù…ØلّÙاً) ويديرها قاض٠مØتر٠وهي تختصّ بتلقّي الشكاوى، وسماع البيّنات المقدمّة من المراجع الرسميّة: (Ù…Øقّقون،ضبّاط عدليّون،أطبّاء شرعيّون خبراء واختصاصيّون،) باستثناء "الشهود" الذين يعوّل المدّعي العامّ على شهادتهم.وتÙقرّر هذه الهيئة، صØّة Ù„ÙˆØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø§ØªÙ‡Ø§Ù…ØŒ إذا اقتنعت بتواÙر الأسباب الكاÙية، لقابلية سماع الدعوى، خلال Ù…Øاكمة علنيّة، أو تقرّر رÙضها، أو Ø£Øياناً تطلب التوسّع ÙÙŠ التØّقيق…متّبعةً إرشادات المØكمة، لجهة الأمور القانونيّة وسير الإجراءات أمامها وهكذا ÙŠØµØ¨Ø Ù‚Ø§Ø¶ÙŠ الإجراءات التمهيديّة السيّد Ùرنسين صاØب الصلاØيّة والاختصاص، بدلاً من هيئة المØÙ„Ùين الكبرى. "والمØكمة الإبتدائيّة" المؤلّÙØ© من ثلاثة قضاة مهنيّين عوضاً من هيئة Ù…ØلّÙين من12Ù…ØلّÙاً، بإدارة قاض٠مهنيّ، وأخيراً، Ù…Øكمة الاستئنا٠المؤلّÙØ© من خمسة قضاة مهنيّين .
إلاّ أنّ الترجمة والتعريب ÙÙŠ النصوص، أي النصّ الإنجليزي، والنصّ العربي، والنصّ الÙرنسي Ø£Øدثت التباساً تامَّاً ØŒ وبالÙعل، نجد ÙÙŠ النصّ العربيّ، عبارة «Ù‚رار اتهام» بينما وردت ÙÙŠ النصّ الÙرنسيّ،عبارة Acte d’accusation » « وهي ترجمة صØÙŠØØ© ÙÙŠ اللّغتين،إذْ إنّ العبارتين، تؤدّيان المعنى Ù†Ùسه والمدلول القانوني إيّاه: أي أنّ قرار الاتهام ÙÙŠ النظام اللّبناني، يعادل إلى Øدًّ بعيد » الـ Acte d’accusation» ÙÙŠ النظام الÙرنكو-لاتيني. ولكنّ العبارة الواردة ÙÙŠ النص الأنجليزي «Indictment»ØŒ والتي تكتب إندكتمنت وتلÙظ إنديتمنت ØŒ ÙŠØµØ ØªØ¹Ø±ÙŠØ¨Ù‡Ø§ØŒ لائØØ© إتهام وليس قرار اتهام ولا قرار ظنّي، إنّما ترمز إلى نظام أصول Ù…Øاكمات، النظام الأنغلو- ساكسوني المÙتّبع ÙÙŠ الولايات المتØدة وسواها من الدول وكذلك ÙÙŠ المØاكم الجزائية الدوليّة، المختل٠تماماً عن النظامين الÙرنكو-لاتيني واللبناني. ÙÙÙŠ Øين أنّ النظام الأخير يعتمد الإجراء الاستقصائي أو التØقيقيّ، يرتكز النظام الأنغلو- ساكسوني على وجاهيّة الإجراءات.
Ùبديهيّ إذاً أنْ يَظْهَرَ الÙرق شاسعاً بين الأصول والإجراءات المتبعة ÙÙŠ لبنان(ÙˆÙرنسا)ØŒ وتلك المعتمدة لدى المØكمة الخاصّة بلبنان .
ومن أهمّ ما يستوق٠أهل القانون، هو بالطّبع المدلول المختل٠تماماً، والنتائج التي تترتّب على كلّ من قرار الإتهام والإنديتمنت ØŒ Ùشتّان ما بينهما، وخصوصاً بالنسبة إلى Ù…Ùاعيل كل٠منهما .
وهكذا Ùالأول، أي «Ù‚رار الاتهام »ØŒ إنمّا هو قرار صادر عن قاض٫ جالس»ØŒ Øوّلت النيابة العامّة إليه « إدعاءً ما»ØŒ بØيث يضع يده على القضيّة، ويباشر هو بدوره التØقيقات التي يراها مناسبة من أجل اتخاذ قرار،يرمي إلى إصدار "قرار ظنّي"ØŒÙÙŠ الأمور الجنØيّة وهوØكم تمهيديّ قابل للاستئنا٠أمام الهيئة الاتهاميّة، المؤلّÙØ© من غرÙØ© مدنيّة لدى Ù…Øكمة الاستئناÙ،وÙÙŠ بعض الأØيان للنّقض أمام Ù…Øكمة التمييز. وبالنسبة إلى الجرائم التي تشكّل جنايات، Ùبعد إصدار " قرار اتهام " (وليس قراراً ظنياً ) من قبل قاضي التØقيق، ترÙع الأوراق أمام الهيئة الإتهاميّة التي تÙصدر بدورها قراراً اتهامياً، بعد دراسة الملÙÙ‘ØŒ يقضي، إمّا بتصديق القرار الاتّهامي الصادر عن قاضي التØقيق، وإمّا بÙسخ هذا القرار،مغيّرةً وص٠الجناية المنسوبة إلى المدّعى عليه، سواء باعتبارها جنØØ©ØŒ أو باعتبارها جناية ÙŠÙعاقَب٠عليها، بموجب موادّ، مختلÙØ© عن تلك التّي اعتمدها قاضي التØقيق. وثمّة اØتمال أخير، ألا وهو، منع المØاكمة عن المدّعى عليه، ويكون هذا القرار بدوره قابلاً ÙÙŠ بعض الأØيان للنقض أمام Ù…Øكمة التمييز. وبعد هذه المراØÙ„ ÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù‚Ø±Ø§Ø± Ù…Ùبرماً، إلاّ إذا Ø£Ùبرم ÙÙŠ مراØÙ„ سابقة أي قبل التمييز. ونتيجة إبرام هذا القرار يكوَّن مع القرارين السابقين والتØقيقات كاÙّة، مضبطة الاتهام، التي تÙØµØ¨Ø Ø£Ø¯Ù„Ù‘Ø©ØŒ ذات ØÙجيّة، تخلق قرينة بالنسبة إلى الوقائع والتØقيقات المضبوطة،ولا يمكن لأØد٠بعد إبرامه أو لأيّ سلطة أن ÙŠÙغيّر قيد أنملة ÙÙŠ مضمونه .
أمّا الثاني وهو الإنديتمنت المتّبع لدى المØكمة الخاصّة بلبنان Ùهو على عكس الأوّل ØŒ يصدر عن المدّعي العامّ، الذي يعرضه- متى استÙكْمÙلَت عناصرÙÙ‡- أمام قاضي الإجراءات التمهيديّة،الذّي يعود له أن يقدّر مدى انطباق هذا الإدعاء على الموادّ القانونيّة والأصول المتبعة، وبالتالي، مدى قابليّة هذا الادعاء لتÙØالَ الدّعوى أمام المØكمة، Ùتضع يدها على القضيّة. Ùإذا ما رأى قاضي الإجراءات التمهيديّة، أنّ الادعاء هذا، ÙŠÙتقر إلى المصداقيّة، أو الى الأدلّة الكاÙية، لتجعل لائØØ© الاتّهام، قابلة لسماع الدّعوى أمام المØكمة المختصّة، يطلب من المدّعي العامّ، تأييد أسباب التجريم كاÙّة Counts ØŒ أو بعض منها بأدلّة إضاÙيّة، من شأنها أن تÙضÙÙŠ على الادّعاء مصداقيّة كاÙية، لجَعْلÙه٠مسموعاً ÙÙŠ Ù…Øاكمة علنيّة،كما ÙŠØدث أيضاً،أنّ ÙŠÙعيد لائØØ© الادّعاء إلى المدّعي العامّ، Ù…ÙÙيداً إيّاه أن شروط تØويل الأوراق، لسماعها ÙÙŠ Ù…Øاكمة علنيّة غير متوÙّرة إطلاقاً.عندها تتوقّ٠الإجرءات، إلى أن يأتي المدّعي العامّ بلائØØ© ادّعاء أخرى، مستندة إلى ركائز أخرى، وهذا نادراً ما ÙŠØصل.
ولكن، إذا رأى قاضي الإجراءات التمهيديّة، أنّ لائØØ© الادّعاء المقدّمة من المدّعي العامّ، تتمتّع بشروط كاÙية ØªØ³Ù…Ø Ø¨Ø§Ù„Ø¯Ø¹ÙˆØ© لمØاكمة علنيّة ÙÙŠÙطلَب٠عندها من المØكمة، تعيين جلسة علنيّة ليصار إلى بدء المØاكمات.
لا بدّ أيضاً، من التذكير بالإجراءات الآتية:
1- المدّعي العامّ هو ممثل الادّعاء العامّ الّذي يتوجّب عليه ÙÙŠ المØاكمة العلنيّة إثبات كلّ واقعة أو أدلّة أو تقرير يدلى به، أو غير ذلك من عناصر التجريم الماديّة التي يقدّمها ÙÙŠ المØاكمة، Ùعبء الإثبات يقع كليّاً عليه، ولهذه الغاية وعند بدء البØØ« والتØرّي عن الÙاعلين، ÙŠØقّ له أن يداهم المنازل وأنّ يقوم بتكلي٠الخبراء والاستماع إليهم،كما ÙŠØÙ‚ له دعوة الشهود والاستماع إليهم، وعليه أنّ يتØرّى عن كلّ ما من شأنه، كش٠الجريمة، Ù…Ùستعيناً لهذه الغاية بالضابطة العدليّة. ÙˆÙÙŠ Øالة المØكمة الخاصّة بلبنان يمكنه أنّ يستعين بالسلطات الدوليّة، وخصوصاً السلطات اللّبنانيّة ،عملاً بالاتّÙاقات المعقودة معها .
تجدرالإشارة هنا، إلى أنّ هذه الأجهزة وهؤلاء الخبراء والاختصاصيين ألخ.. وكذلك الشهود لا تعتمد أقوالهم ولا ØªØµØ Ø´Ù‡Ø§Ø¯Ø© أيّ منهم، ما لم يتمّ استجوابهم من Ù‚Ùبل كلÙÙ‘ من المدّعي العامّ ومØامي الدّÙاع ÙÙŠ المØاكمة .
2- الدّÙاع يتمتّع بالصلاØيات التّي يتمتّع بها المدّعي العامّ، ويتساوى كلاهما أمام المØكمة، وله أن يطلب أمّا بواسطة قاضي الإجراءات التمهيديّة أم بواسطة المØكمة بعد وضع يدها على القضية ØŒ تكلي٠من يلزم، لاستدعاء الشهود وكش٠المستندات والأدلّة .
3- قاضي الإجراءات التمهيديّة، هو الذّي يقوم بمهامّ هيئة المØلّÙين الكبرى Grand Jury ØŒ ويتمتّع بصلاØيّاتها كاÙّة، وخصوصاً Øقّ استدعاء المشتبه بهم، والخبراء والشهود، كما سبق تبيانه، وهو الذّي يأمر عند الاقتضاء بالتوقيÙØŒ أو بإخلاء السبيل، لقاء ÙƒÙالة ÙŠØدّد قيمتها الماديّة أو من دون ÙƒÙالة ÙˆÙŽÙŠØضÙر Ù…Øامي الدÙاع هذه الاجراءات أمام القاضي، ويناقشها ويÙدلي بما يرتئيه،وبعد المناقشات الوجاهية بين المدعي العام ومØامي الدÙاع بإدارة وتدخل القاضي Øول هذه المواضيع، ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù‚Ø¶ÙŠØ© جاهزة لدى القاضي، إذا ما توصل إلى قناعة بقابلية الإدعاء، أن ÙŠØول إلى المØكمة أم لا .
وبالنتيجة تبقى لقاضي الإجراءات التمهيديّة الصلاØية الأساسية التي يتمتّع بها وهي التثبت من قابلية لائØØ© الإدعاء المنظمة من المدعي العام أن ترÙع وتقدم أمام المØكمة أم تعاد إلى المدعي العام.
والآن،- وهنا يكمن الÙارق الأساسي بين النظامين- وبعد أن تØدّد المØكمة موعد بدء المØاكمات وتعيّين الجلسات، يعود للمدّعي العامّ أن يقدّم وسائل الإثبات، كما ذكرت، وأسباب الاتهام Counts ÙÙŠ الجلسة العلنيّة، Øيث تناقَش٠كلّ٠وسيلة إثباتÙØŒ وكلّ٠الأدلّة والتقارير،كما ÙŠÙستجوب كلّ٠"ماثلÙ" أمام المØكمة أيّاً تكن صÙته ،بعد تØليÙÙ‡ اليمين، من قبل كلÙÙ‘ من المدّعي العامّ ومØامي الدÙاع، وهذا بصورة مباشرة ومن دون وجوب Ø·Ø±Ø Ø§Ù„Ø£Ø³Ø¦Ù„Ø© على"الشهود"ØŒ بواسطة رئيس المØكمة، ولكن مباشرةً من قبل المدّعي العامّ ومØامي الدÙاع، كلّ٠بدوره على أن يكون ذلك بعد تØلي٠كلّ٠ماثلÙØŒ اليمينَ القانونية. وبعد أن تتمّ هذه المناقشة العلنية ØŒ والاستجوابات المتبادلة Cross Examination من قبل الادّعاء والدÙاع ØŒ وبعد أن يأمر رئيس المØكمة، بصر٠الشاهد أو الخبير أو ضابط الشرطة، يكتسب عندئذ٠كلّ٠من هؤلاء صÙØ© الشاهد.
وباختصارلا ÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù…Ø·Ù„ÙˆØ¨ أمام المØكمة للإدلاء بما يعرÙÙ‡ شخصيّاً، )وليس ما قد سمعه أو تنامى إليه من أشخاص آخرين “Hearsay”ØŒ( شاهداً، إلا بعد إتمام هذه الإجراءات Øتّى إذا تبيّن عندئذ٠أنّه أدلى بشهادة كاذبة ØŒ ÙŠÙصار إلى الإدعاء عليه، ويÙØال إلى Ù…Øاكمة أخرى، التي عليها أن تراعي بدورها الإجراءات التي سبق ذكرها. Ùضلاً عن ذلك، إذا تبيّن للمØكمة، أنّ المÙسْتجوَب أمامها، سواءٌ أكان ضابطاً أم طبيباً أم خبيراً ÙÙŠ أيّ ميدان أم أي شاهد، لا يتجاوب كلّ التجاوب مع المØكمة، وطبعاً مع كل من المدّعي العامّ ومØامي الدÙاع أو أنّه لم يدل٠بكل ما يعرÙÙ‡… ÙŠÙعتبرعندئذ٠أنّه ارتكب جريمة تعطيل سير الإجراءات contempt of court أو عرقلة أوامرها عن عمد أو إهمال وتتّخذ المØكمة بØقه التدابير التي تراها مناسبة، بما ÙÙŠ ذلك الØكم عليه بالسجن أو غير ذلك من العقوبات، ÙˆÙقاً لأهميّة Ùعله وخطورته، علما أنه لهذا الجرم عدة أسباب تجريم،منها مباشرة ومنها غير مباشرة، ومنها إرتكبت ÙÙŠ Øضرة المØكمة وأخرى خارجها.
ويبقى على المدّعي العامّ أنّ ÙŠÙثبت خلال المØاكمة العلنيّة،مضمون لائØØ© الاتهام وكلّ ما يدّعي به، بواسطة وسائل الإثبات كاÙّة:(من أطباء شرعيّين اختصاصيّين وخبراء بالمتÙجّرات وبالأسلØØ©ØŒ وضّباط ممّن أجرَوْا التØقيق أو ساهموا Ùيه ألخ..) Ùهؤلاء يبادرون إلى أداء اليمين القانونية لبدء استجوابهم على النØÙˆ الّذي سبق وذكرت.
لا بدّ من التذكير أيضاً، بأنّ النصوص المعتمدة، قد Ù„Øظت طبعاً Øالات المØاكمات الغيابيّة، وطÙرÙÙ‚ قبول شهادات الشهود، الذين يكون قاضي الإجراءات التمهيديّة ØŒ بناءً على طلب المدعي العام أو Ù…Øامي الدÙاع قد واÙÙ‚ على أن تبقى هويّاتهم قيد الكتمان، وكذلك الشهود الذين لا يتمكنون من الØضور شخصيّاً ÙÙŠ المØاكمة لأسباب يقبل بها القاضي، Ùيصار عندئذ٠الى إتّباع إجراءات أخرى، Ù…Ùصّلة ÙÙŠ النصوص، وتطبّق كلها مبدأ الوجاهيّة والاستجواب والمناقشة، من Ù‚Ùبَل المدّعي العامّ ومØامي الدÙاع، سواء بواسطة مكالمة متلÙزة مباشرة Video Conferanceأو Øتى بØضور الشاهد وراء ستار عازل ÙŠØجبه عن الظهور أمام الØضور ويتكلم عبر آلة تØوّر الصوت، بØيث لا يمكن لأØد من الØضور التعر٠على هويته ويتبع الإجراءات ذاتها من إستجواب ومناقشة من قبل الÙريقين، وثمة Øالات إستثنائية جدّاً عندما يتعذر على الشاهد أن ينتقل إلى مقرّ المØكمة لأسباب أمنيّة، ÙˆÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه ليس باستطاعته الظهور ÙÙŠ الÙيديو Video Conferanceلدواع٠أمنيّة، عندها يقوم القاضي باستجواب الشاهد شخصياً ويطلع الÙريقين(المدعي العام ومØامي الدÙاع) على هذا الإستجواب بØيث يكون باستطاعتهما توجيه الأسئلة والمناقشة Cross examination من خلال المراسلات المتبادلة التي تشكل بمجملها الشهادة بعد أن يكون الشاهد قد أدّى القسم القانوني أمام القاضي.
أما بالنسبة إلى المØاكمات الغيابيّة In Abstentia Ùتخضع هي أيضاً لأصول وإجراءات مختلÙØ© جداً عن تلك التي نعرÙها ÙÙŠ نظامنا اللبناني، وبالÙعل، ونظراً لعدم وجود مضبطة اتهام، ونظراً لعدم تمتّع لائØØ© الإتهام Indictment بأي Øجيّة Ùلا يمكن الإعتداد بها أمام المØكمة، ÙˆÙÙŠ بعض الØالات، عندما تتمكن النيابة العامّة من دعوة الشهود وإثبات مضمون لائØØ© الإتهام أمام المØكمة، يمكن لها إذ ذاك أن تصدر قراراً قابلاً للاعتراض أم لا، وهذه أمور شهدناها مثلاً، ÙÙŠ Ù…Øاكمة الرئيس البشير غيابيّاً.
ومن الإجراءات التي تختل٠عن الإجراءات المتّبعة ÙÙŠ لبنان ØŒ تصدر Ù„ÙˆØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø§ØªÙ‡Ø§Ù… بالنسبة إلى الملاØقين، بØيث يندر أن تشمل لائØØ© اتهام واØدة عدة ملاØقين، كما يصار إلى النظّر ÙÙŠ كل لائØØ© اتهام بمØاكمة وجلسات مستقلة عن الأخرى التي تلاØÙ‚ متهماً آخر، Øتّى أنّه ÙÙŠ معرض المØاكمة الواØدة، عندما يتبين أنَّ ثمة مشتبه بهم خارجين عن لائØØ© الاتهام التي تنظر Ùيها المØكمة،غالباً ما يعمد المدعي العام إلى تقديم لائØØ© اتهام أخرى بØÙ‚ المشتبه بهم الكثر، وهذا المبدأ يدعى التÙريعBifurcated procedures ØŒ إلاّ أنه ÙÙŠ بعض الØالات إعتمدت النصوص الدوليّة ما أسميناه بالمزيج، من النظامين الأنجلو- ساكسوني والÙرنسي اللاتيني، بØيث يمكن للمØكمة أن تنظر ÙÙŠ لائØØ© اتهام تشمÙل٠أكثرَ من مشتبه به واØد. ومثالاً على ما تقدم ØŒ يمكن ÙÙŠ معرض المØاكمة، عندما يتبين أنَّ ثمّة مشتبه به تتلازم قضيته تماماً مع قضيّة المشتبه به الأساسي، عندها تتابع المØكمة السير ÙÙŠ الاتهامين معاً، من دون أن يتعرّض Øقّ أيّ من المتهمين بالدÙاع، إلى أيّ إنتقاص.
ومن الأمور المØظَّرة بتاتاً، Ù…Øاكمة مشتبه بهما بالمØاكمة Ù†Ùسها إذا كان Ø£Øدهما هو الذي شهد ضدّ المتهم الآخر، أو أنه كان المتسبَّبَ بملاØقة المشتبه به الأول، بعد "عط٠جرمي" تناول هذا الأخير. ومن الإجراءات المختلÙØ© أيضاً، نظام دعوة الشهود ÙÙŠ Øال تخلÙهم عن الØضور، وكذلك استقصاء المعلومات والمستندات من أشخاص ثالثين وخارجين عن المØاكمة يمتنعون عن تسليمها، Ùتلجأ المØكمة عندئذ٠إلى إصدار أمر يدعى SubpeanaØŒ يلزم الشاهد أو الشخص الثالث بالانصياع للمØكمة تØت طائلة الملاØقة الجزائيّة بمختل٠أسباب الاتهام وتكون Ù…Øاكمة المتخلّ٠مستقلةً طبعاً عن المØاكمة الأساسية، وكل هذا يندرج تØت نظام التÙريع Bifurcated procedures كما سبق وذكرت.
والخلاصة، أنَّ ثمّة تبايناً بين الإجراءات المتّبعة لدى المØكمة الخاصة بلبنان والأصول الجزائيّة المرعية ÙÙŠ لبنان. وكلّ ما يتناوله الإعلام Øالياً، ÙŠÙتقد إلى الدقّة القانونية، Ùتطلق الاستنتاجات وتتخذ المواق٠من المØكمة من دون معرÙØ© Ùعليّة بمجرياتها ولا بنتائج كل إجراء تتخذه .
1- النظام الأساسيّ للمØكمة الخاصة للبنان المبرم ÙÙŠ30/5/2007.
2- قواعد الإجراءات والإثبات التي أقÙرّت ÙÙŠ20/3/2009 وعÙدَّلت ÙÙŠ 5/6/2009 كما عÙدَّلت ثانيةً ÙÙŠ30/10/2009وعÙدَّلت أخيراً ÙÙŠ10/11/2010وصÙØÙ‘Øت ÙÙŠ29/11/2010.
3- قواعد الاØتجاز تاريخ20/3/2009( القواعد التي ترعى اØتجاز الأشخاص رهن المØاكمة أي الإستئنا٠أمام المØكمة الخاصة بلبنان أو المØتجزين ÙÙŠ Øالات أخرى بأمر صادرعن المØكمة الخاصّة بلبنان)
4- المبادىء التوجيهيّة الخاصّة بتعيين Ù…Øامي الدÙاع تاريخ20/3/2009 وعÙدَّلت ÙÙŠ 30/10/2009.
5- مذكرة إيضاØيّة من رئيس المØكمة Øول قواعد الإجراءات والإثبات (اعتباراً من تاريخ 25 تشرين الثاني/ نوÙمبر2010)
وليد الخازن