لم تكن زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر الى لبنان في ايلول الماضي فقط رسالة اطمئنان الى المسيحيين في هذا الشرق وتأكيد على أنّ مرجعيتهم الروحية تقف الى جانبهم في هذه المرحلة المفصليّة على مستوى المنطقة، بل أيضا إشارة متجدّدة الى الاهتمام الذي يوليه الفاتيكان للتعايش المسيحي – الاسلامي في هذه البقعة المختلطة دينيّاً وطائفيّاً واثنيّاً وثقافيّاً من العالم، وحيث انه ممنوع المسّ بهذه التركيبة التعايشيّة التي نرى مثيلاً لها في بعض الدول ومنها لبنان.
فهذا البلد الصغير اختير منه بطريركاً هو مار بشارة بطرس الراعي، الذي نصّب في ما بعد كاردينالاً ومن ثم اسقفاً له الحق بانتخاب البابا المقبل. وهذا إن دلّ على شيء فعلى أنّ موجات التطرّف والقتل ومشاعر الحق والكراهية التي تسود دول المنطقة، وتحديداً منها التي شهدت احداث "الربيع العربي"، تشغل اهتمامات القوى الغربيّة وعلى رأسها الفاتيكان، التي تعتبر أنّ أيّ تغييب للاسلام المعتدل، وهو كذلك بمعظمه، سيؤثر حكماً على العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وبالاخص [Link] على الوجود المسيحي، ممّا يدخل الشرق الاوسط في دوّامة من الاقتتال والفوضى لن يقوى أحد على مجابهتها أو وضع حدّ لها.