بالأمس إحتفل مسيحيو لبنان بأحد القيامة في بلداتهم وقراهم. حتى في عاصمة الشمال طرابلس، الخارجة من جولة قتال دامية، أقيمت الزياحات والإحتفالات بالعيد، من دون أن يخرج الى العلن صوت تحريضي واحد ضد المسيحيين.  

غير أن هذه البهجة بالعيد لم يشعر فيها مسيحيو بريح الذين لم يعودوا حتى اليوم الى بلدتهم التي هجروا منها خلال حرب الجبل في بداية الثمانينيات. صحيح أنهم إحتفلوا بالعيد في الدكوانه وعين الرمانه وفرن الشباك وغيرها من المناطق حيث يقطنون، غير أن فرحتهم لم تكن كاملة. فهم الوحيدون في لبنان المحرومون من العودة الى الجذور وإحياء مناسباتهم الدينية في بلدتهم، كل ذلك يعود الى عدم إنجاز عودتهم الى بريح عن طريق قرار سياسي حاسم يترافق مع تمويل يثبت هذه العودة من قبل وزارة المهجرين. لقد أصبحت قصتهم كقصة إبريق الزيت وبحسرة مؤثرة يسردون فصولها الأخيرة.   

ففي بداية العام 2013، هدم بيت الضيعة في بريح (المبني على أراض للمسيحيين والذي كان يشكل العائق الأساس أمام عودة المهجرين) بأمر من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، وذلك بعدما إنتهت أعمال البناء في البيت الجديد. وفي اليوم التالي للهدم، قصد جنبلاط بكركي لإهداء ما تحقق للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، معلناً أن "الصفحة الأخيرة من حرب الجبل طويت". بعدها أعلن وزير المهجرين في حينها علاء الدين ترو عن إحتفال قريب سيقام بالمناسبة لإفتتاح البيت الجديد المخصص للمناسبات الإجتماعية لدى طائفة الموحدين الدروز، ولتسليم المسيحيين أرضهم التي كان البيت القديم قائماً عليها بقوة الحرب والتهجير. مرت الأيام ولم توزع الدعوات الرسمية والشعبية لهذا الإحتفال، حتى جاء اليوم الذي فهم فيه مسيحيو بريح الرسالة جيداً، "يفضّل وليد جنبلاط تسليم الأرض المسيحية المغتصبة قبل الإنتخابات النيابية بأسابيع قليلة وذلك لإستثمار إعادة الحقوق لأصحابها في صناديق الإقتراع المسيحية في الشوف". مرت الأيام مجدداً وكان المريض الذي يدعى قانون إنتخاب ينتقل من غرفة عمليات الى أخرى من دون أن يلمس الأطباء المعاينون أي تقدم ملموس،
وفي كل تلك المرحلة كان الضباب سيد الموقف حيال مصير الإنتخابات، لينسحب أيضاً على مصير عودة مسيحيي بريح الى أرضهم مرفوعي الرؤوس بعد سنوات طويلة من التهجير.

[Link]