ديانا سكيني, يرى النائب في كتلة الاصلاح والتغيير فريد الخازن، ان قرارات مجلس الوزراﺀ الاخيرة التي فتحت المواجهة مع حزب الله في هذا التوقيت لا تؤدي سوى الى استثارة الأطراف والهروب الى الامام وعدم البت في الملف السياسي المتجسد بالوصول الى اتفاق سياسي. اتفاق بدا شكله مسهلا جدا في الايام الاخيرة حيث كان قانون الانتخابات مطروحا "على نار حامية"، فهل تلك القرارات ارادت تمويه تلك المشهدية وتغيير مسار الازمة؟ "، ذلك أن شيئاً جديدا لم يطرأ على الملفات الإقليمية لربط التطورات بها.
يعيد الدكتور فريد الخازن مشهد الأزمــة اللبنانية الحالية الى جذوة الــصــراع القائم منذ الــعــام 2005 والمتمثل بــعــدم إيــجــاد الاطـــراف اللبنانية لنقطة تــــوازن جــديــدة يرتكز عليها النظام السياسي.
وتبدأ المعضلة من غياب المرحلة الإنتقالية الــتــي تهيئ الساحة اللبنانية للإنتقال من عهد الوصاية السورية الى مرحلة سيادية جديدة.
فجأة أعيد الاعتبار للطرح السيادي وحدثت تطورات متسارعة ادت الى تدويل الازمة ورفع الغطاﺀ الاميركي والاوروبــــــي والــعــربــي عــن الــوجــود السوري في لبنان من خلال القرار 1559. تصاعدت وتيرة التطورات مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات اللاحقة التي أدت الى إنشاﺀ المحكمة الدولية.
وجدت الأطراف اللبنانية نفسها أمــــام مــلــفــات كــبــيــرة ومــتــغــيــرات السياسة الدولية، فللمرة الأولــى طرح ملف سلاح حزب الله بجدية وشهد الميدان في الجنوب تغيرات جوهرية بعد صدور القرار 1701. لكن الاستحقاق الأبرز تمثل بلعبة السلطة الداخلية التي حاولت الاستمرار بوتيرة فترة الوصايا ذاتها. اعتبر الجنرال ميشال عون المستهدف الوحيد من التحالف الرباعي، واستمر الاستهداف اثناﺀ تشكيل الحكومة حيث فضلت قوى الاكثرية التعامل مع الرئيس السابق اميل لحود على اعطاﺀ اربعة مقاعد وزاريــة للعماد ميشال عون. وعليه فان استهداف العماد عون سابق لتحالفه مع حزب الله الذي كان له ثمنا دون شك في الساحة المسيحية.
وبالتزامن كان المشهد الإقليمي يتبدل بشكل مستمر مــن خلال احتدام الخلاف السوري- الاميركي والسوري- السعودي وتبلور شكل الصراع العربي- الايراني في المنطقة، ما زاد من العبﺀ والصعوبات لإيجاد حــلــول للبنان ومــن ايــجــاد النظام السياسي في لبنان لنقطة توازن جديدة يرتكز اليها.
مشهد الأزمة كان يسجل هبوطاً وصعوداً في وتيرة التصعيد. وفي قراﺀته للتصعيد الأخير بعيد قرارات مجلس الوزراﺀ الأخيرة، يعتبر الخازن أن المواجهة مع حزب الله من بوابة الملف الأمني في هذا التوقيت لا تؤدي سوى الى استثارة الأطراف والــهــروب الــى الامـــام وعـــدم البت فــي الملف السياسي المتجسد بالوصول الى اتفاق سياسي يمهد لانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة وطنية، ما يمهد لاستكمال الحوار الوطني وطرح كامل الملفات العالقة ومن ضمنها الاتفاق على استراتيجية دفاعية.
هذا "الهروب الى الأمام" يتجسد في تغييب النقاش حــول قانون الانتخابات الذي كان "مطروحا على نار حامية"، ذلك أن شيئاً جديدا لم يستجد في الملفات الإقليمية لربط التطورات بها، ومن يطرح الملفات الأمنية الخاصة بحزب الله في هذا التوقيت يعرف سلفا انه لا مجال للوصول الى حلول لها في المدى المنظور.
وفي استرجاع للمشهد السياسي السائد قبيل التصعيد، ربما تتبين القطبة المخفية التي غيرت مسار الأزمة حيث تم التبني الكلامي من قبل النائب سعد الحريري لقانون الــقــضــاﺀ وكـــان يكفي إذا صفت النيات أن يجلس الطرفان على طاولة مستديرة ليوقعان ورقة إعلان مبادئ تتضمن الالــتــزام بقانون القضاﺀ الـــذي اعتبرته المعارضة مدخلا للحل، فهل هذا مطلب تعجيزي؟ .
ويضيف الخازن ان المعارضة كانت منفتحة على الأصوات التي تعالت في أوساط الموالاة مطالبة بقانون ما دون، القضاﺀ متمنيا لو تمكنت هذه الاصوات من صياغة طرحها في اطار سياسي يجمع عليه حلفاؤها في الأكثرية، إلا أن التصعيد المفتعل أدى إلــى التمويه على مشهدية السعي للوصول الى حلول.
ويــرى الــخــازن أن معيار قانون الإنــتــخــاب الــمــطــلــوب لا يــجــب ان يستهدف اي حزب سياسي أو اي طائفة، خصوصا الطوائف الصغرى التي يحق لها انتخاب نوابها على الاقل في دائرة انتخابية. فلا يضرب القانون الانتخابي التمثيل على المستوى الطائفي بحيث تصبح لكل منطقة شخصية سيا سية، وقانون القضاﺀ "المجرب" يؤمن الشخصية السياسية لكل منطقة مع امكانية تقسيم بعض الاقضية الى قضاﺀين.
وعــن الحلول المطروحة للأزمة، يعتبر الــخــازن أن الحل هــو مزيج من الداخل والخارج مشددا على ان هامش الاتفاق الداخلي ربما يكون متاحا فــي مرحلة مــا بعد الخروج السوري اكثر من سابقه خصوصا وان مداخله الشكلية سهلة جدا باعلان نوايا بين الطرفين ضمن اطار المبادرة العربية. والى اسباب غياب الثقة بين الطرفين، يرصد الــخــازن عــدم استعجال الأطـــراف الخارجية للحل، فالولايات المتحدة تــرى في الحكومة الحالية حليفاً لها ولا توجد كلفة مادية مباشرة لسياستها في لبنان. وعــن تأثير الانتخابات الرئاسية الاميركية على سياسة واشنطن في لبنان، يقول الخازن أنــه في حــال وصول باراك اوباما قد تتغير امور لكنها ربما تكون اسوأ من الاتجاه الحالي، كذلك مع وصول ماكين فقد تشهد السياسة الأميركية بعض التغيرات لكنها تبقى في الخط العام السائد للسياسة الاميركية التي يعتبر لبنان ساحة تأثر بمجريات تغير تعاطيها مع الملفات الكبرى في المنطقة.