يعتبر الوزير السابق الشيخ وديع الخازن أن إصرار البعض على تحويل المحكمة من محكمة ذات طابع دولي، يكون للبنان حصة كبرى في عملية ترتيب وضعها بغية جلاء الحقيقة وكشفها، إلى محكمة صرف دولية، يجعلها ملتبسة ومشكوك في أمرها ونتائجها، ما قد يعرض لبنان لإشكالات عديدة ناهيك عن اعتبار، عند ذاك، مؤسساته الدستورية فاقدة للمشروعية والأهلية، ومحذرا أنه في حال إقرار المحكمة تحت الفصل السابع لن يكون هناك من تجاوب معها، لأن هناك خشية مبررة لدى البعض من أن يكون الهدف من وراء هذه العملية التحكم بإدارة البلد وشؤونه وسياسته بالوسائل المتاحة، حتى الوسائل الأمنية منها كاستقدام بوليس دولي جديد اختصاصه الحصري مواكبة عملية تنفيذ المحكمة ومنحه القدرة والصلاحية على استعمال القوة عند الضرورة، ما قد يخلق توترات وتشنجات ومشاكل في الداخل اللبناني نحن في غنى عنها تماما، لافتا إلى أن سلوك المحكمة طريقها الإدارية المعهودة وفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء هو موضع قبول وتأييد كافة الشرائح اللبنانية، لأن الخلاف ليس حول المحكمة إنما حول آلياتها.
وتمنى الوزير الخازن تلقف فرصة الاقتراب من الاستحقاق الرئاسي لتشكيل حكومة وفاق وطني تخلق مناخات تساعد على إجراء انتخابات رئاسية هادئة بنصاب الثلثين، ما يؤمن انتقالا سلسا للرئاسة الأولى من دون توترات سياسية، ومشددا على أن نصاب الانتخاب المفروض هو الثلثان من النواب في الدورة الأولى والثانية، ففي الدورة الأولى إذا حقق المرشح ثلثي الأصوات يكون رئيسا، وفي الدورة الثانية النصاب يكون في حضور الثلثين والانتخاب بالنصف زائدا واحدا، مؤكدا أن رئيس الجمهورية مصر على تأليف حكومة وحدة وطنية فورا، تمهد لانتخاب الرئيس المقبل، وتكون مؤهلة دستوريا لسد الفراغ في حال حصوله، لا سمح الله، كونه ليس بوارد تسليم البلاد إلى حكومة يعتبرها غير موجودة.
بالاستراتيجية الدفاعية التي يفترض الاتفاق حولها لضمان أمن لبنان، إضافة إلى أن المقاومة لا يمكن أن تسلم سلاحها سوى إلى سلطة ترتاح إليها وتثق بتوجهاتها.
وعن استعادة الموارنة مع الرئيس الجديد حضورهم داخل الدولة والنظام يلفت الخازن إلى أن المطلوب أولا الوصول إلى رئيس توافقي مرضي عنه من جميع الفرقاء، واعتماد ثانيا خارطة طريق للعمل على تأمين وحدة موقف سياسي مسيحي وصف، وأن يؤازروا بعضهم على كافة المستويات الاقتصادية والمعيشية، ويواكبوا الرئيس الجديد عبر الالتفاف حوله لإنجاح عهده ومهمته لأن نجاحه يعني نجاحهم.
ويؤكد الخازن أن أن زيارة البطريرك صفير إلى الرئيس لحود كانت ناجحة بكل ما للكلمة من معنى، وكان هنالك تفاهم عميق حول كل العناوين الكبيرة، وحرص متبادل على استقرار الوضع في لبنان وإعادة استنهاضه، كاشفا أن اللقاء كان بمثابة "غسل للقلوب"، عبر خلاله كل من البطريرك والرئيس عن هواجسهما، وخلص إلى اعتبار هذا اللقاء اجتماعا تأسيسيا لاجتماعات أخرى، وصولا إلى انتخابات رئاسية هادئة، وأنه لا يوجد لدى الرئيس أي شيء شخصي باتجاه الرئيس السنيورة، المسألة تتعلق باحترام الدستور ومقتضيات العيش المشترك التي انتهكتها حكومة السنيورة عبر إصرارها على استمرار عملها بعد استقالة الوزراء الشيعة منها.
ويشير الخازن إلى أن الاعتراض على الرئيس لحود ومحاولة عزله ناجمين عن تأييده للمقاومة ورفضه للتوطين، فلو كان الرئيس على طرف نقيض مع المقاومة ومسهل للتوطين لكان بالنسبة للبعض أهم رئيس جمهورية وصل إلى لبنان بتاريخه المعاصر، ولكن الرئيس مصر على دعم المقاومة طالما هناك أرض محتلة، ومشروع التوطين هو حال انفراط وتفكك للبنان، لأنه يحدث انقلابا على مستوى اللعبة الديمغرافية في البلد، ما يمهد لإعادة النظر بالتركيبة اللبنانية من أساسها.
وحول جدوى سلاح حزب الله في حال تم تحرير جميع الأراضي اللبنانية خصوصا بعد الكلام عن وضع مزارع شبعا قريبا تحت إشراف الأمم المتحدة يقول الوزير الخازن أن المسألة أبعد من موضوع السلاح وتتعلق
وحول ما يتردد عن نشر قوة دولية على الحدود اللبنانية-السورية يؤكد أن هذا أمر غير وارد لأنه يفاقم التوتر بين لبنان وسوريا، ويعرض العلاقات إلى مزيد من التشنج، نحن بغنى عن هذا الأمر، خصوصا أن سوريا ستعمد فورا إلى إقفال حدودها مع لبنان. يجب التفكير، بدل الحديث عن نشر قوات دولية، في كيفية إعادة العلاقات اللبنانية-السورية إلى طبيعتها والعمل على ترشيدها بما يخدم لبنان وسوريا.
هل إقرار المحكمة في مجلس الأمن سيضاعف الأزمة الداخلية؟
-إصرار البعض على تحويل المحكمة من محكمة ذات طابع دولي، يكون للبنان حصة كبرى في عملية ترتيب وضعها بغية جلاء الحقيقة، إلى محكمة صرف دولية، يجعلها ملتبسة ومشكوك في أمرها ونتائجها، ما قد يعرض لبنان لإشكالات عديدة ناهيك عن اعتبار، عندذاك، مؤسساته الدستورية فاقدة للمشروعية والأهلية، في الوقت الذي لا تحول فيه التباينات الحاصلة حاليا حول طريقة تسيير شؤون البلد ومؤسساته من وجود شيء اسمه إدارة وكيان ودولة. الخلاف الحاصل اليوم هو حول موضوع الحكومة باعتبار قسم من اللبنانيين أنها شرعية ودستورية، والقسم الآخر، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية إميل لحود، أنها فاقدة لشرعيتها ودستوريتها انطلاقا من المادة (ي) من مقدمة الدستور التي تقول "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، بسبب الغياب الكلي للطائفة الشيعية الكريمة عن إدارة شؤون البلد في الحكومة اعتبارا من 11/11/2006، ما يعني وجود إخلال فاضح في الميثاق الوطني، ويستدعي معالجة هذا الوضع عبر ترميم التمثيل الشيعي داخل الحكومة وإلا الإسراع في تشكيل أخرى بديلة تراعي مقتضيات العيش المشترك. الإهمال الفاضح في معالجة هذا الأمر كان وراء كل الأزمات التي عصفت بالبلد مؤخرا، ولذلك، أتمنى على القيمين في الموالاة تلقف فرصة الاقتراب من الاستحقاق الرئاسي لتشكيل حكومة وفاق وطني تخلق مناخات تساعد على إجراء انتخابات رئاسية هادئة بنصاب الثلثين، ما يؤمن انتقالا سلسا للرئاسة الأولى من دون توترات سياسية. وقد شدد كل من البطريرك والرئيس في لقائهما على ضرورة أن يحصل الاستحقاق الرئاسي في موعده وحسب ما ينص الدستور لجهة مشاركة كافة النواب في جلسة الانتخاب، بمعنى وجوب تأمين النصاب، كون نصاب الانتخاب المفروض هو الثلثان من النواب في الدورة الأولى والثانية، ففي الدورة الأولى إذا حقق المرشح ثلثي الأصوات يكون رئيسا، وفي الدورة الثانية النصاب يكون في حضور الثلثين والانتخاب بالنصف زائدا واحدا. تفرض قاعدة أكثرية الثلثين تلوين طائفي تمثيلي للرئيس من أجل أن يملك حقيقة الصفة التمثيلية ليتمكن من أن يكون حكما وعلى مسافة واحدة من الجميع.
هل كان أمام الرئيس فؤاد السنيورة واستطرادا الأكثرية خيارا آخر باستثناء توجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة نظرا لاستحالة إقرارها في مجلس النواب؟
-ما أحاول التشديد عليه حقيقة أن التوافق اللبناني الشامل والجامع على هذا الموضوع يخلق مناخا مساعدا ومسرعا لمسار المحكمة يجعلنا أقرب إلى الوصول إلى حقيقة من دبر ونفذ عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من محكمة دولية وليس ذات طابع دولي. الهدف من عملية إخراج مشروع قانون المحكمة عبر المؤسسات اللبنانية هو التوافق اللبناني-اللبناني، وإن دل كتاب الرئيس السنيورة إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون على شيء، فعلى وجود خلاف لبناني-لبناني، كما أن كتاب رئيس الجمهورية في هذا الخصوص إلى سعادة الأمين العام واضح وصريح جدا. إقرار المحكمة الدولية عن طريق مجلس الأمن يعني أن الأخير على بينة من الخلافات اللبنانية، واتخاذه بالرغم من ذلك، عن حق أو عن باطل، موقفا إلى جانب فريق من اللبنانيين، قد يؤدي إلى خربطة العلاقات الداخلية. أعتقد أنه في حال إقرار المحكمة تحت الفصل السابع لن يكون هناك من تجاوب معها، لأن هناك خشية مبررة لدى البعض من أن يكون الهدف من وراء هذه العملية التحكم بإدارة البلد وشؤونه وسياسته بالوسائل المتاحة، حتى الوسائل الأمنية منها كاستقدام بوليس دولي جديد اختصاصه الحصري مواكبة عملية تنفيذ المحكمة ومنحه القدرة والصلاحية على استعمال القوة عند الضرورة، ما قد يخلق توترات وتشنجات ومشاكل في الداخل اللبناني نحن في غنى عنها تماما.
ألا تعتقد أن المعارضة تتحمل قسم كبير من مسؤولية إيصال الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم خصوصا في ظل امتناعها عن عرض أو تقديم ملاحظاتها على قانون المحكمة؟
-لقد أدلى رئيس الجمهورية بملاحظاته بشكل واضح وصريح عبر كتاب رسمي ومفصل أرسله إلى أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان، أي قبل تسلم الأمين العام الجديد بان كي مون، ولم يتلق أي جواب على كتابه، لا سلبا ولا إيجابا، وهذه الملاحظات تتقاطع إلى حد كبير مع ملاحظات سائر قوى المعارضة من حزب الله وغيره، ما خلق جوا سلبيا لدى المعارضة أنه لن يتمخض شيء عن كل هذه الإجراءات في ظل وجود توجه وإصرار دوليين على تسييس المحكمة للنيل من إرادة وعزيمة قسم من اللبنانيين. نطالب ونشدد على أن تكون المحكمة قانونية بحتة وبعيدة عن السياسة والتسييس، فلو سلكت طريقها الإدارية المعهودة وفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء لكانت اليوم بالتأكيد موضع قبول وتأييد من كافة الشرائح اللبنانية، لأن الخلاف ليس حول المحكمة إنما حول آلياتها، التي، وفي حال إقرارها تحت الفصل السابع، ستخلق شرخا أكبر مما هو حاصل اليوم، ما يؤدي إلى عرقلة سير عملها، وهذا الأمر مؤسف لأننا نريد معرفة كيفية حصول هذه الجريمة البشعة التي خربت البلد ولا زلنا نعيش تداعياتها.
هل معارضة قسم من اللبنانيين للمحكمة هدفه مجاراة سوريا التي تخشى من قيام هذه الحكمة على نظامها؟
-لا إشكالية لدى النظام السوري في إقرار هذه المحكمة، هناك من يتهم سوريا بالعرقلة، ولكن هذا الأمر غير صحيح وخلفياته سياسية وغير مبنية على معطيات موضوعية. ينصب تركيز القيادة السورية في الآونة الأخيرة على إعادة الاعتبار لنفسها ودورها بعدما فقدت رونقها ووجودها كلاعب أساسي في منطقة الشرق الأوسط نتيجة السياسات الخاطئة التي اعتمدتها الولايات المتحدة التي تعمل اليوم على إعادة تصويب مسارها ومراجعة حساباتها انطلاقا من تنفيذ دقيق وتدريجي لما ورد في تقرير بايكر-هاملتون، وذلك عبر إطلاق عملية التفاوض والحوارات مع سوريا وإيران في ما يختص بالعراق وفلسطين، ولا أعتقد أن لبنان سيكون بعيدا عن هذه الأجواء. الهم الأساسي للإدارة الأميركية يتمحور حول كيفية الخروج من مأزقها الراهن في العراق، ولا يبدو أنها ستتمكن من إيجاد المخرج المناسب من دون سوريا وإيران إلا إذا كانت تنوي الذهاب نحو الحرب، الأمر الذي لم يعد متوافرا ومقبولا لدى الأميركيين بعد الانقلاب في موازين القوى الذي شهدته الولايات المتحدة في انتخاباتها النصفية.
في أي إطار تضع زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش إلى لبنان؟
-زيارة السفير ولش واضحة جدا، يقول أن الاهتمام الأميركي بموضوع لبنان لا زال قائما ولم يتراجع، علما أن التجارب السابقة مع الأميركيين غير مشجعة على الإطلاق، إذ سرعان ما يبدلون سياساتهم وفق مصالحهم، ما يفترض فينا كلبنانيين أن نبدي المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى، وذلك باللجوء سريعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تعيد إطلاق الآلية الدستورية المعهودة في لبنان لإقرار المحكمة وتسيير شؤون المواطنين. أعلنت سوريا مرارا أنها غير معنية بموضوع المحكمة، وأن لبنان هو المعني فيها كون الجريمة وقعت على أرضه، ولا أحد يعرف ماذا يمكن أن يتكشف من ورائها، إلا في حال سلوك المحكمة المسار القانوني المطلوب.
هل إقرار المحكمة تحت الفصل السابع ممكن أن يؤدي إلى انفجار الوضع في لبنان؟
-لا سمح الله، هناك وعي كبير من قبل كافة المسؤولين والمواطنين لخطورة هذا الأمر، ولذلك نرى أنه عند وقوع أي إشكال على جانب من الأهمية، مسارعة مختلف الفرقاء من أجل التخفيف من تداعياته السلبية وتجنيب البلد مطبات هو بغنى عنها.
أين يكمن الحل؟
-الحل الوحيد المتاح راهنا يكمن في تأليف حكومة وحدة وطنية، وأعتقد أن الأمور على هذا المستوى إيجابية، وهناك تفكير جدي في عملية ترميم الحكومة أو تغييرها لتضم كافة المكونات والتشكيلات السياسية، وتكون مهمتها الأساسية تأمين الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري بغية انتظام الأمور في البلد مجددا. لا مصلحة لأحد في الخربطة، لا من جانب حزب الله، ولا من فريق 14 آذار أو سائر الفرقاء في لبنان، لأن الخسائر ستصيب وتقع على رؤوس الجميع.
في أي إطار تضع الكلام التهديدي للرئيس بشار الأسد بإشعال المنطقة من بحر قزوين إلى المتوسط؟
-في حال صح أولا هذا الكلام المنقول عن أوساط معينة، وهو ما أشكك فيه، لا يمكن وضعه إلا في خانة رفع السقف السياسي في ظل المفاوضات الجارية، بشكل أو آخر، بين الإدارة الأميركية وسوريا وأخر تجلياتها اللقاء الذي جمع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش مؤتمر شرم الشيخ، تمهيدا للوصول إلى اتفاق حول العراق وغيره، بعد اقتناع أميركي باستحالة الاستغناء عن سوريا نظرا لأهمية وعمق فهمها للتركيبة الشرق أوسطية وتحديدا العراق وفلسطين ولبنان. فالكلام في حال صحته هو كلام سياسي أكثر مما هو كلام أمني أو عسكري.
هل ممكن أن تفتح زيارة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير إلى رئيس الجمهورية إميل لحود كوة في جدار هذ ه الأزمة الحادة؟-أستطيع التأكيد أن زيارة البطريرك صفير إلى الرئيس لحود كانت ناجحة بكل ما للكلمة من معنى، وكان هنالك تفاهم عميق حول كل العناوين الكبيرة، لأن شأن البطريرك هو شأن الرئيس والعكس صحيح أيضا، وحرص متبادل على استقرار الوضع في لبنان وإعادة استنهاضه. البطريرك هو على مسافة واحدة من الجميع، ويبغي مصلحة لبنان قبل أي شيء. يقول البعض أن لرئيس الجمهورية قراءة سياسية مغايرة ومختلفة عن البطريرك، ولكن ما تبين لي بعد رؤية فخامة الرئيس وغبطة البطريرك أن التوافق كان سيد الموقف بين الرجلين وعلى كل العناوين ولم يكن هناك من خلاف. اللقاء كان بمثابة غسل للقلوب، عبر خلاله كل من البطريرك والرئيس عن هواجسهما، وخلصا إلى اعتبار هذا اللقاء اجتماعا تأسيسيا لاجتماعات أخرى، وصولا إلى انتخابات رئاسية هادئة. نوقشت خلال اللقاء فكرة تأليف حكومة وحدة وطنية وأيدها رئيس الجمهورية وكذلك البطريرك. لا يوجد لدى الرئيس أي شيء شخصي باتجاه الرئيس السنيورة، المسألة تتعلق باحترام الدستور ومقتضيات العيش المشترك التي انتهكتها حكومة السنيورة عبر إصرارها على استمرار عملها الوزراء الشيعة منها، كما تطرقا إلى مجمل الهموم المعيشية والاقتصادية، وكان للموضوع الأمني حيز كبير كونه أساسي وجوهري لاستتباب الاستقرار في البلد، وأثار البطريرك موضوع عدم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب خلف للمرحوم الشهيد الشيخ بيار الجميل، فأوضح الرئيس أنه على موقفه باعتبار كل ما يصدر عن الحكومة من قرارات أو مشاريع قوانين من تاريخ 11/11/2006 باطلا، وذكر البطريرك بموضوع المجلس الدستوري وضرورة تعديله أو إنشاء مجلس جديد لكي ينظر بالطعون الموجودة أمامه ويتابع عمله ويفعله، كما سجل غبطته بعض الملاحظات على أداء الحكومة.
ألا تعتبر كلام الرئيس لحود إلى محطة تلفزيونية فرنسية بعد 48 ساعة من لقائه البطريرك عن تأليف حكومة انتقالية لدى انتهاء ولايته هو إجهاض لنتائج الزيارة؟
-أستطيع التأكيد والجزم أن رئيس الجمهورية مصر على تأليف حكومة وحدة وطنية فورا، تمهد لانتخاب الرئيس المقبل، وتكون مؤهلة دستوريا لسد الفراغ في حال حصوله، لا سمح الله، كونه ليس بوارد تسليم البلاد إلى حكومة يعتبرها غير موجودة. مهما قيل عن الرئيس يبقى الأحرص على تطبيق الدستور شأنه شأن الراحل فؤاد شهاب الذي كان يعود دوما للكتاب. الاعتراض على الرئيس لحود ومحاولة عزله ناجمين عن تأييده للمقاومة ورفضه للتوطين، فلو كان الرئيس على طرف نقيض مع المقاومة ومسهل للتوطين لكان بالنسبة البعض أهم رئيس جمهورية وصل إلى لبنان بتاريخه المعاصر، ولكن الرئيس مصر على دعم المقاومة طالما هناك أرض محتلة، ومشروع التوطين هو حال انفراط وتفكك للبنان، لأنه يحدث انقلابا على مستوى اللعبة الديمغرافية في البلد، ما يمهد لإعادة النظر بالتركيبة اللبنانية من أساسها. ومعلوم أن البعض حاول مرارا التلميح للرئيس لحود مباشرة أو مداورة أن الموافقة على التوطين تساهم إلى حد كبير بتخفيف أو شطب قيمة الدين المترتب على الخزية اللبنانية، ولكنه بالتأكيد رفض كل ما يمكن أن يهدد جوهر وجود لبنان ورسالته، وموقف البطريرك في هذا المجال لا يختلف عن موقف الرئيس. أما بالنسبة لموضوع المقاومة، فهناك بعض التباينات التي تستدعي حوارا وطنيا صادقا للخروج بنظرة مشتركة تحفظ سيادة لبنان ومنعته أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
ما لزوم السلاح في حال تم تحرير جميع الأراضي اللبنانية خصوصا بعد الكلام عن وضع مزارع شبعا قريبا تحت إشراف الأمم المتحدة؟
-المسألة أبعد من موضوع السلاح وتتعلق بالاستراتيجية الدفاعية التي يفترض الاتفاق حولها لضمان أمن لبنان، إضافة إلى أن المقاومة لا يمكن أن تسلم سلاحها سوى إلى سلطة ترتاح إليها وتثق بتوجهاتها.
ألا تعتقد بأن استقالة الوزاراء الشيعة شكلت سابقة خطيرة في حياتنا الوطنية والدستورية ممكن أن تنسحب في المستقبل على أي طائفة أخرى؟
-لذلك، كان يفترض معالجة هذه المسألة عند حدوثها، لبنان قائم على مبدأ الديمقراطية التوافقية، أي الشراكة والمساواة في الحكم، ولا يمكن تجاهل أي فئة من اللبنانيين أو الإصرار على الاستئثار بالحكم.
هل سيكون للبنان رئيس جديد في موعده؟
-شعوري ويقيني أنه ستحصل انتخابات هادئة في موعدها الدستوري لأن اللبنانيين ناضجين بما فيه الكفاية لتدارك المخاطر الناجمة عن الفراغ، وذلك بالرغم من كل التوتر الحاصل، وما عدا ذلك يعني أننا غير جديرين لإدارة شؤون وطننا، ولا زلنا نحيا في مشروع وطن وليس وطن. يجب الوصول إلى التوافق حول الرئيس الذي سيخلف الرئيس لحود للخروج من الدوامة التي نعيش فيها اليوم.
هل تتوقع أن يستعيد الموارنة مع الرئيس الجديد حضورهم داخل الدولة والنظام؟
-نعم في حال وصول رئيس توافقي مرضي عنه من جميع الفرقاء. ولكن يبقى لاستعادة الحضور المسيحي داخل الدولة والنظام اعتماد خارطة طريق انطلاقا من الوصول أولا إلى وحدة موقف سياسي مسيحي وصف، وأن يؤازروا بعضهم ثانيا على كافة المستويات الاقتصادية والمعيشية، وياكبوا الرئيس الجديد ثالثا عبر الالتفاف حوله لإنجاح عهده ومهمته لأن نجاحه يعني نجاحهم.
هل تفريغ موقع الرئاسة، بسبب تعطيل الانتخاب، هو استهداف لدورهم وموقعهم السياسي؟
-لا أعتقد أن هناك نية لاستهداف موقع الرئاسة أو المسيحيين، المستهدف الفعلي كان الرئيس لحود لأنه وقف ممانعا في وجه المجتمع الدولي أو في مواجهة الأجندة الدولية المطلوبة من لبنان، ولا إمكانية لهذا البلد الصغير القائم على توازنات دقيقة على تحملها.
ما مهمة الحكومة الانتقالية في حال تم التوافق عليها؟
-التمهيد لانتخابات رئاسية هادئة، والانكباب على دراسة مشروع قانون انتخابات نيابية.
ما رأيك في الحديث عن نشر قوة دولية على الحدود اللبنانية-السورية في ضوء الكلام عن تهريب للأسلحة؟
-هذا أمر غير وارد لأنه يفاقم التوتر بين لبنان وسوريا، ويعرض العلاقات إلى مزيد من التشنج، نحن بغنى عن هذا الأمر، خصوصا أن سوريا ستعمد فورا إلى إقفال حدودها مع لبنان. يجب التفكير، بدل الحديث عن نشر قوات دولية، في كيفية إعادة العلاقات اللبنانية-السورية إلى طبيعتها والعمل على ترشيدها بما يخدم لبنان وسوريا.
هل تتوقع أن يشكل الاستحقاق الرئاسي المقبل مدخلا لإعادة اللحمة بين اللبنانيين وإطلاق آلية الحوار التي توقفت بعد لقاءات التشاور؟
-هذا شرط لا يتجزأ من شروط انتخاب رئيس جديد للبنان، لأن من أولى أولويات الرئيس الجديد إعادة اللحمة بين اللبنانيين.
حاوره شارل جبور cjabbour@lebanonfiles.com