نـهـضـة الكـنـيسـة المارونية أعـطيـت لـه
نشر هذا المقال في مجلة المسيرة في 25 آذار 2011 بمناسبة تنصيب البطريرك الراعي
سجعان القزي
نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية
في الخامس والعشرين من آذار 2011 بدأ عهد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لا عهد البطريركية المارونية الموجودة منذ نحو 1325 سنة. إنه أولُ بطريرك على كنيسة لبنان وإنطاكية وسائر المشرق في القرن الواحد والعشرين (الشعبُ الجالسُ في ظلمة أبصر نوراً عظيماً).
التحدي عظيمٌ والمسؤولية أعظم. ما هَمّ: إنْ كان البطريرك الراعي يتمتّع بصفاتٍ ذاتية مـيّـزته لبلوغ سُـدَّة البطريركية، فما أن يستويَ بطريركٌ على عرش "مجد لبنان أُعطي له"، حتى تهبطَ عليه أيضاً نِعمُ الوقارِ والمهابة، الرصانةِ والثبات، التقوى والعفة، الشموخِ والعزة، الكِـبَرِ والتواضع، والحنانِ والرأفة. تـنـدُر كلماتُـه وتكـثُر أفعالُه. يَـثـقُب بنظراته، فلا يبخُل بابتساماته ولا يبذَخ بضِحكاته. برَكةُ يده لا تُـغني عن تحذير إصبعه، فعصاه متعددةُ الاستعمال. في شخصيته يَسكن أملُ الميلاد وألـمُ الجلجلة وعذابُ الصليب ورجاءُ القيامة. على جَبهته يَرتسمُ وادي العاصي وجبلُ لبنان ولبنانُ وإنطاكية وسائرُ المشرق. وعلى محـيّـاه يَلوح طيفُ مار مارون والقديسِين شربل ورفقا والحرديني والطوباويَين نعمه والكبوشي (فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل).
لست واعظاً لأرشُدَ البطريرك الجديد إلى ما عليه أن يفعل، فله عينان تَريان. لكني ابنُ الكنيسة وواجبي أن أنقلَ إليه تمنياتي، وللبطريرك أذنان تُصغيان. أنا من يحتاج إلى توجيهِه ونُصحِه وصلاته وبركته.
غِبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أمضى ربعَ قرنٍ أُسقفاً يشارك البطريركَ صفير في إدارةِ شؤون الكنيسة المارونية ورسمِ سياستِها وتحضيرِ قراراتِها وإعلان مواقِفها. ويعرِف نقاطَ قوّةِ الكنيسة المارونية وضعفِها، ويستطيع تحديدَ الأولويات ووضعَ خريطةِ طريق نحو التاريخ المستقبلي.
من هذه الفرضية أرى البطريركَ الراعي يَطرد اللصوص والباعةَ من الهيكل، ويَنهي المرائين و"الكتبةَ" عن تَسلّقِ درَج بكركي (بيتي بيت الصلاة يُدعى). أراه يحرِّم على مُـدَّعِـيِ الأدوار ومختلِقي المهمّـات ومُنتَحِلي الصفات التحدّثَ باسم البطريركية، ويَفصُل بين أمنِ بكركي والتنصّتِ عليها (اذهبوا عني يا فاعلي الإثم). أراه يُشذِّب أغصانَ بكركي من الأحمالِ الثقيلة فـتُورِف، ومن النوافلِ فـتُـثمر (كل غرسٍ لم يزرعْه أبي السموي يُقلع). أرى البطريركَ الراعي يبحث عن النعاجِ الضائعةِ ليعيدَها إلى خطِّ بكركي المستقيم (إذا وجدَها يضعَها على مِنكَـبَـيْـه فرِحاً).
لا يحبُّ البطريرك الراعي بَخّورَ المدّاحين ولا ثرثرة المتزلّفين. لا يتحـمّـل حاشيةً تستظل جُـبَّـته وتستغلُّ موقعه (يُكـرَّمني هذا الشعبُ، وقلـبُـه مني بعيد). لا يحبّ البطريرك الراعي المؤسساتِ التي أُنشئت لتكونَ امتداداً عَلمانياً لبكركي ودرعَها في المجتمع المدني، فتختفي وتربُط ألسنتها حين تتعرّض بكركي لهجومٍ ظالم وتطاول معيب، فـيَـهُبّ هو، وكان بعدُ أسقفاً، يردّ التحدي. أما، وقد أصبح بطريركاً، فيفضّل، على كل هؤلاء، فريقَ عملٍ ديني ـ عَلماني، من الرجال والنساء، يساعده على إكمال مسيرة ِنقلِ البطريركية إلى القرن الواحد والعشرين من دون أن تَتخلّى عن ثوابتِ القرن الرابع. فريق العمل الذي يَرغب به البطريرك الراعي شأنه أن يضم نخبةً زاهدةً، متجرِّدةً، نزيهةً، كفؤةً، مخلِصةً، نقـيَّـةً، شجاعةً، عميقةَ التفكير، عمليةَ الأداء، تقف إلى جانبِ غِبطته وتعمَل تحت إشرافه من أجلِ خيرِ الكنيسةِ والمؤمنين والإنسان (من أراد السيرَ ورائي فليَرغَب عن ذاته ويحمِل صليبَه ويَتبعْني).
وفي الأساس توجد في مكاتبِ بكركي وغرفِها تُخمة دراساتٍ ومشاريعَ راكدةٍ، منذ عقود، على رجاء القيامة. وما أن يَقيمها البطريرك الراعي، حتى تُقرع أجراسُ نجاحه بعد أجراسِ انتخابه.
إنَّ Ø£ØØ¯ÙŽ ØªØØ¯ÙŠØ§Øª البطريرك٠الجديد هي أن يجعلَ الموارنةَ، بل المسيØÙŠÙŠÙ†ØŒ ÙŠÙØÙ€Ø¨Ù‘ÙˆÙ†ÙŽÙ€Ù‡ ويَطمئـنّون إليه ويَلتÙّون ØÙˆÙ„ÙŽÙ‡. ÙØ§Ù„Ø§Ù„ØªÙØ§Ù٠الاستثنائيّ٠ØÙˆÙ„ البطريرك٠صÙير ØØµÙ„ Ø¨ÙØ¶Ù„٠الدور٠الذي لعبَه ÙÙŠ مرØÙ„Ø©Ù Ø§Ù„Ø§ØØªÙ„ال٠السوري، ØÙŠÙ† كان ملاذَ المضطهَدين ورائدَ Ø§Ù„ØªØØ±ÙŠØ±ØŒ لا لكونÙه، Ùقط، Ù…Ø±Ø¬ÙØ¹ÙŠØ©Ù‹ روØÙŠØ©Ù‹ عليا للموارنة ÙÙŠ لبنان والعالم. وأخال٠البطريرك بشارة الراعي يملÙÙƒ موهبةَ جذب الرأي العام. ÙÙ…ÙŽÙ† كان مطرانَ الأمل٠ÙÙŠ Ø²Ù…Ù†Ù Ø§Ù„Ø¥ØØ¨Ø§Ø· ÙŠÙمكن أن يكونَ بطريركَ التوØÙŠØ¯Ù ÙÙŠ زمن الانقسام، والاستقرار٠ÙÙŠ زمن الاضطراب، والتواصل٠ÙÙŠ زمن القطيعة. ØÙŽØ°Ø§Ø±Ù أن يَطلب Ø£ØØ¯Ùنا من البطريرك الجديد أن يَتشبّـهَ بالبطريرك٠السابق أو أن يَنـقÙـضَه. لا شيءَ أسوأَ من التماثل٠لكسب٠الودّ، ومن النقض٠للتمايز. يكÙÙŠ البطريرك٠الراعي أن يكون Ù†ÙØ³ÙŽÙ‡ ويَتبعَ نهجَ البطريركية٠التاريخي بأسلوبه Ø§Ù„ØØ¯ÙŠØ«Ù ليربØÙŽ Ø§Ù„Ø±Ù‡Ø§Ù†.
قد يعتقد الناس أن ظروÙÙŽ انتخاب٠البطريرك الراعي Ø£ÙØ¶Ù„٠من تلك التي راÙقت انتخاب البطريرك صÙير. لكن الØÙ‚يقةَ Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ©ÙŒ عن الانطباع: ØÙŠÙ† تسلّم البطريرك٠صÙير مسؤولياتÙÙ‡ كان لبنان Ù…Ø¶Ø·Ø±ÙØ¨Ø§Ù‹ والشرق٠الأوسط٠هادئاً، أما اليوم، Ùلبنان٠والشرق٠الأوسط مضطربان ويواجÙهان مشاريعَ تغيير٠الأنظمة والكÙيانات والهويّـات. ØÙŠÙ† تسلّم البطريرك٠صÙير مسؤولياتÙÙ‡ كان الموارنة٠ÙÙŠ لبنان Ùقط يتقاتلون وينهزÙمون، أما اليوم، Ùمصير٠كل مسيØÙŠÙ‘ـي الشرق٠مهدّدٌ بالتلاشي نتيجةَ ثورة٠من هنا، ÙˆØØ±Ø¨Ù من هناك، واضطهاد٠من هنالك (الذي ÙŠØµÙØ¨Ø± إلى المÙنتهى ÙŠÙŽØ®Ù„ÙØµ).
صØÙŠØÙŒ إنَّ بطريرك٠الموارنة هو بطريرك٠لبنان وإنطاكية وسائر٠المشرق، لكن لا الموارنة٠مرتاØÙˆÙ† إلى وضعهم، ولا لبنان٠مطمئنٌ إلى ÙˆÙØØ¯ØªÙ‡ØŒ ولا إنطاكية موجودةٌ، ولا سائر٠المشرق٠معلوم٠المصير. وكأن مهمةَ البطريرك الراعي أن ÙŠØÙˆÙ‘Ù„ÙŽ رمزيةَ التسمية٠ØÙ‚يقةً، ÙÙ€ÙŠÙØÙŠÙŠ التاريخَ والجغراÙيا والإنسان معاً.
ومنذ الآن Ø£ÙنبئÙكم: قريباً سيجد٠البطريرك٠الراعي Ù†ÙØ³ÙŽÙ‡ ثلاثةَ بطاركة٠ÙÙŠ ÙˆØ§ØØ¯: سيكون أمامَ Ø§Ù„ØªØØ¯Ù‘ÙŠ الذي واجهَه البطريرك٠الياس الØÙˆÙŠÙƒ سنة 1920 ØÙيال Ø®Ùيار٠دولة٠لبنان الكبير. وأمام Ø§Ù„ØªØØ¯Ù‘ÙŠ الذي واجهَه البطريرك٠أنطوان عريضة سنة 1943 ØÙيال Ø®Ùيار الاستقلال٠لا الانتداب. وأمام Ø§Ù„ØªØØ¯ÙŠ Ø§Ù„Ø°ÙŠ واجهَه البطريرك٠نصرالله صÙير طَوال ولايته ØÙيال خيار السيادة ÙˆØ§Ù„ØØ±ÙŠØ©. إن الصراعَ ÙÙŠ لبنان الآن ليس بين ÙƒÙØªÙ„تين نيابيتين، بل بين Ù…ÙØÙˆØ±ÙŠÙŠÙ† لهما امتداداتÙهما الخارجية. ولا يجوز ترك٠القرار٠للسياسيّين ÙˆØØ¯ÙŽÙ‡Ù… (الØÙ‚Ù‘ÙŽ أقول لكم أنهم قد استوÙوا أجرهم)
كلّ٠خÙيار ÙŠÙقدÙÙ… عليه سيدÙنا البطريرك ÙŠØÙ…ÙÙ„ ÙÙŠ طياتÙÙ‡ مخاطر، لكن الوقت ØØ§Ù† ليـتَّـخذَ Ø§Ù„Ù…ÙˆØ§Ø±Ù†Ø©ÙØŒ من خلال كرسيهم البطريركي، القرارات٠الصعبة. ÙØ¥Ù…ا أن ينخرطَ كلّ٠اللبنانيين ÙÙŠ Ø¯ÙˆÙ„Ø©Ù ÙˆØ§ØØ¯Ø©Ù Ù…Ø³ØªÙ‚Ù„Ø©ÙØŒ Ù…ØØ§ÙŠØ¯Ø©ÙØŒ Ù…Ø¯Ù†ÙŠØ©ÙØŒ مسالÙÙ…Ø©ÙØŒ ÙˆÙŠÙŽÙØ³ÙŽØ®ÙˆØ§ عقودَهم مع الخارج (وهذا هو الخÙيار Ø§Ù„Ø£ØµØ ÙˆØ§Ù„Ø£ØØ¨)ØŒ وإما Ø³ÙŠÙØ¶Ø·Ø± المسيØÙŠÙˆÙ† إلى مطالبة٠الأمم Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø© برعاية تنظيم الكيان اللبناني Ø§Ù„ÙˆØ§ØØ¯ Ø¨Ø´ÙƒÙ„Ù Ø§ØªØØ§Ø¯ÙŠÙ‘ØŒ ÙØªÙ‚رر Ùيه كلّ٠جماعة٠مصيرَها ÙˆØªØØ§Ùظ٠على خصوصياتÙها (ما لقيصر لقيصر وما لله لله). انتهى Ø¹ØµØ±Ù Ø§Ù„Ø³ÙØ®Ø±Ø©. منذ بداية٠القرن٠العشرين اختار Ø§Ù„Ù…ÙˆØ§Ø±Ù†Ø©Ù Ù…ØµÙ„ØØ©ÙŽ Ù„Ø¨Ù†Ø§Ù† أولاً. ومنذ 1600 سنة وَضع الموارنة٠كل نضالÙهم وانتصاراتÙهم وصداقاتÙهم ÙÙŠ تصرّÙ٠مشروع٠لبناني جامع. ÙØ¯Ùعوا الثمن ÙÙŠ كل منعطÙ٠تاريخي. صØÙŠØÙ Ø£Ù† الصليبَ رمزÙنا لكنه ليس قدرَنا.
قدرÙنا أن نبقى هنا نجدّد العهدَ ونبنيَ المجد. قدرÙنا أن Ù†Ø¨ØªØ¯ÙØ¹ÙŽ Ø§Ù„ØÙ„ولَ من الأزمات وتوازنَ الوجود٠من المعادلات. ÙˆÙÙŠ هذا السياق، ØÙŽØ±ÙŠÙ‘ بالموارنة، شعباً وقادة، أن ÙŠÙØ¹ÙŠÙ†ÙˆØ§ البطريركَ الجديد على صوغ٠سبع معادلات للزمن الآتي:
· الأولى هي التمييز٠بين الØÙرص الطبيعي على الصيغة اللبنانية الميثاقية من جهة، والقلق٠من Ø§Ù†ØØ³Ø§Ø± الوجود٠الماروني الديمغراÙÙŠ والدور٠الماروني السياسي ÙÙŠ لبنان من جهة أخرى. Ùكل التعديلات الدستورية التي Ø£ÙØ¯Ø®Ù„ت على الميثاق الوطني منذ سنة 1943 إلى اليوم ØØµÙ„ت على ØØ³Ø§Ø¨ المسيØÙŠÙŠÙ†ØŒ وبخاصة الموارنة، وثَـبَّـتت معادلةَ الغالب والمغلوب، لا معادلة اللا غالب واللا مغلوب كما ÙŠÙØ´Ø§Ø¹ للتعزية (ليس بالصيغة ÙˆØØ¯Ù‡Ø§ ÙŠØÙŠØ§ المسيØÙŠÙˆÙ†).
· الثانية٠هي التوÙيق بين المارونية٠المشرقية Ø§Ù„Ù…ØªØ¬Ø°Ù‘ÙØ±Ø© ÙÙŠ الأرض٠الأم، والمارونية٠العالمية Ø§Ù„Ù…Ù†Ø¯Ù…ÙØ¬Ø© ÙÙŠ Ù…ØÙŠØ·Ùها الاغترابي؛ Ùلا تَقضي العولمة٠على Ø§Ù„Ø®ØµÙˆØµÙŠÙ‘Ø©Ù Ø§Ù„Ù…Ø§Ø±ÙˆÙ†ÙŠØ©Ù Ø§Ù„Ù…ØªØ¬Ø³Ù‘ÙØ¯Ø©Ù ÙÙŠ بكركي دون سواها. هي المآثر٠وغيرÙها الآثار.
· الثالثة هي الملاءمة٠بين Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ©Ù العَلمانية المسيØÙŠØ© Ø§Ù„Ø¬Ø§Ø±ÙØ©Ù ÙÙŠ الغرب، ÙˆØØ±ÙƒØ©Ù التطرّÙ٠الديني الإسلامي الجار٠ÙÙŠ الشرق.
· الرابعة هي المواءمة٠بين Ù…ØØ§Ùظة٠بكركي على العصب٠الماروني، بل المسيØÙŠ Ø¹Ù…ÙˆÙ…Ø§Ù‹ØŒ وتعزيز٠التمسّك٠بالقيم الروØÙŠØ©Ù ÙÙŠ لبنان والشرق من جهة، ومواكبة٠مسيرة٠علمنة٠الدولة ÙÙŠ ØØ§Ù„Ù ØªÙˆØ§ÙØ±Øª ظروÙ٠تØÙ‚يقها يوماً ما.
· الخامسة٠هي التناغم٠بين دور٠بكركي الديني ودورÙها الوطني، Ùلا يعيش٠الموارنة٠ازدواجيةَ الولاء٠والقرار٠والموقÙ٠بين بكركي، Ù…Ø±Ø¬ÙØ¹ÙŠØªÙهم الأسمى والأبقى، وبين مؤسساتÙهم السياسية، وقد ناضلت وقدّمت ألوÙÙŽ الشهداء ÙÙŠ سبيل الكنيسة ولبنان.
· السادسة٠هي Ø§Ù„ØªÙƒØ§Ù…Ù„Ù Ø§Ù„Ù…ÙØªØ±Ø¶Ù بين البطريرك٠الماروني ورئيس الجمهورية الماروني. ÙØ¥Ø°Ø§ كان Ø§Ù„ÙØµÙ„٠بين Ø§Ù„Ù…Ø±Ø¬ÙØ¹ÙŠØªÙŠÙ† ضرورياً بØÙƒÙ… شمولية٠موقع٠رئاسة٠الجمهورية، ÙØÙ‚Ù‘Ù Ø§Ù„Ø¨Ø·Ø±ÙŠØ±Ùƒ أن ÙŠÙˆØ³Ù‘ÙØ¹ÙŽ Ù…Ø³Ø§ØØ©ÙŽ Ø¯ÙˆØ±ÙÙ‡ كلما ضاقت صلاØÙŠØ§ØªÙ رئيس الجمهورية. ÙˆØÙ‚Ù‘Ùـه أيضاً أن يَهديَ كلَّ رئيس٠يَØÙŠØ¯ عن الثوابت٠المارونية، وهي ثوابت٠لبنانية جامعة.
· والسابعة هي التوازن٠ÙÙŠ العلاقة٠بين الكنيسة المارونية (البطريركية والرهبانيات) ÙˆØ§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù†ØŒ Ùلا تتØÙˆÙ‘Ù„ الشَراكة٠اللاهوتية٠مع Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù† تبعيةً إداريةً مطلقة، ÙÙ€ØªÙØ¬ÙŠØ² دوائر٠روما Ù„Ù†ÙØ³Ù‡Ø§ ØªØØ¯ÙŠØ¯ÙŽ Ø³ÙŠØ§Ø³Ø©Ù Ø§Ù„Ù…ÙˆØ§Ø±Ù†Ø©Ù ÙˆØªÙˆØ¬Ù‘ÙهاتÙهم ÙÙŠ لبنان والشرق. إن ميزةَ الكنيسة٠المارونية٠هي خصوصيتÙها واستقلالÙها الذاني. إن كان الخضوع٠لسلطة٠البابا، ثابتةً لدينا، ÙØ³ÙŠØ§Ø³Ø©Ù Ø§Ù„Ø·Ø§Ø¦ÙØ©Ù ÙˆØªØØ§Ù„ÙØ§ØªÙها الداخلية ÙˆØ§Ù†ÙØªØ§ØÙها المشرقي يَرسمها الموارنة٠كنيسةً وقادة وشعباً. Ù†ØÙ† مستعدون للأخذ٠برأي Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù†ØŒ لكن على Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù† أن يسمعَ رأينَا ويتÙهمَ مواقÙنا أيضاً.
إن شكّلت هذه المعادلات Ù€ Ø§Ù„ØªØØ¯ÙŠØ§Øª مادةَ تÙكير٠للبطريرك الماروني ÙÙŠ لبنان وإنطاكية وسائر المشرق، يبقى ØªØØ¯ÙŠØ«Ù الكنيسة٠الأساسَ ÙÙŠ المرØÙ„ة٠المباشرة، وهو Ù…ÙØ¹ÙŠØ§Ø±ÙŒ مركزيٌّ لتقييم٠أداء٠البطريرك الجديد. ÙØ§Ù„مارونية٠الوطنية٠تستعيد دورَها Ø§Ù„ÙØ§Ø¹Ù„ÙŽ ÙÙŠ لبنان من خلال نهضة٠مؤسسة٠الكنيسة٠المارونية، ما دام ØªØØ¯ÙŠØ«Ù المؤسسات٠السياسية٠المسيØÙŠØ©Ù لا يزال مسألةً Ùيها نظر.
من أبسط٠الأمور أن يكونَ لنا بطريركٌ، لكننا نريد٠بطريركيةً، لا بالمعنى الروØÙŠÙ‘٠والمعنوي والزمني والجغراÙÙŠ ÙˆØ§Ù„Ù…Ø±Ø¬ÙØ¹ÙŠØŒ Ùهذا ØªØØµÙŠÙ„ÙŒ ØØ§ØµÙ„. بل بالمÙهوم٠المؤسساتي، ÙØªÙنشَئ٠إداراتٌ متخصصةٌ ونزيهة، يَشغَلها مسؤولون روØÙŠÙˆÙ† أو مدنيون، Ùلا تبقى البطريركية ديراً Ùوق الأديرة، بل ØªØµØ¨Ø ØØ§Ø¶Ø±Ø©Ù‹ قادرةً على معالجة٠شؤون الموارنة. ÙˆÙÙŠ هذا الإطار٠إن تطويرَ لجنة٠الدراسات أمرٌ Ù…Ù„ÙØÙ‘ÙŒ بØÙŠØ« تكون بكركي Ù…Ø±Ø¬ÙØ¹ÙŠØ©Ù‹ Ùكريةً للكتّاب ÙˆØ§Ù„Ø¨Ø§ØØ«ÙŠÙ† والمؤرخين ومَنهَلَ Ù…Ø¹Ø±ÙØ©Ù للمؤمنين.
ÙŠÙÙØªØ±Ø¶ بالكنيسة المارونية أن تكون أكثرَ كنيسة٠مسيØÙŠØ© ÙÙŠ الشرق تطوراً من ناØÙŠØ© التنظيم٠والهيكلية٠لأنها تلعب٠دوراً سياسياً خاصاً ÙÙŠ لبنان والشرق٠الأوسط وبلاد٠الاغتراب؛ ولأنها تواجه ØªØØ¯ÙŠØ§ØªÙ عديدة، ولأن هيئاتÙها السياسيةَ ÙˆØ§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠØ©ÙŽ ØªØ¹ÙŠØ´ ØØ§Ù„ات٠انقسام٠مزمنة. إن الكنيسةَ المارونية غنيةٌ بالعلماء والمÙكرين ÙˆØ§Ù„Ø¨Ø§ØØ«ÙŠÙ†. ÙØÙŠÙ† كان الشرق أمّـياً، كان الموارنة٠يكتبون ويَطبعون (مطبعة مار أنطونيوس قزØÙŠØ§ ÙÙŠ وادي قنّوبين سنة 1610) ويترجمون ويعلّمون ويؤسّسون المدارسَ هنا ÙˆÙÙŠ العالم (تأسست المدرسة المارونية ÙÙŠ روما ÙÙŠ 5 تموز 1584). إن الكنيسةَ المارونيةَ هي من أولى الكنائس الشرقية التي Ø§Ù†ÙØªØØª على Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù† وشارك رجالٌ منها ÙÙŠ وضع Ø¥ØµÙ„Ø§ØØ§ØªÙ المجامع Ø§Ù„ÙØ§ØªÙŠÙƒØ§Ù†ÙŠØ©.
وإني لواثقٌ بأن البطريركَ الجديد سيبادر إلى معالجة٠القضايا المارونية الملØÙ‘ÙØ©ØŒ ÙيصØÙ‘ÙØÙ Ø§Ø¹ÙˆØ¬Ø§Ø¬ÙŽ Ø§Ù„ØØ§Ù„ة٠المارونية ÙÙŠ لبنان واستضعاÙÙŽ دورÙها والتطاولَ على خصوصيتÙها الوطنية التاريخية، كما سيÙـعنى بالشأن٠الإكليريكي الذي يشهد تراجعَ الدعوات الكهنوتية، ÙˆØ§Ù†ÙØªØ§ØØ§Ù‹ رهبانياً مسرÙÙØ§Ù‹ على الØÙŠØ§Ø© الاجتماعية، وانتشاراً غيرَ منضبط٠لمعاهد التعليم٠العالي ما يؤثر على أهداÙ٠إنشاء هذه المعاهد ورسالتÙها. كما أنه سيعكÙ٠على تنقية٠الهرمية٠الكنسية من دون ÙØ¶Ø§Ø¦Ø (إني أريد رØÙ…ةً لا Ø°Ø¨ÙŠØØ©).
لقد أطلق البطريرك مار نصرالله صÙير Ø£Ùكارَ التجديد٠مع مشاريعَ Ù…ØØ¯ÙˆØ¯Ø©. المطلوب٠اليوم Ø£Ùكارٌ أقل ومشاريع٠أكثر. وأهمّ عنصر هو توÙير٠الظروÙ٠المادية والسكنية٠لتكثيÙ٠الإنجاب من أجل أن يستعيدَ الموارنة٠نسبةً عدديةً Ù…ØØªØ±Ù…Ø© لأن Ø§Ù„Ù…Ù†Ø§ØµÙØ©ÙŽØŒ مع كلّ٠صدق٠المسلمين الذين يَتمسكون بها، ليست أبدية. والعنصر٠المهم الآخر هو العمل٠على إعادة٠نصÙ٠مليون لبناني مغترب٠على مدى عشر سنوات. وجوهر٠دور٠أبرشياتنا المارونية ÙÙŠ المهاجر ليس Ø®ÙØ¯Ù…ةَ المهاجرين الموارنة إنما ØªØØ¶ÙŠØ±Ù عودتÙهم. ليست أبرشياتÙنا جهازَ تبشير٠بالعودة إلى الدين Ùقط بل بالعودة٠إلى لبنان. ومعيار٠الØÙƒÙ… على ممـثّÙـلي الكنيسة٠المارونية ÙÙŠ الاغتراب ليس عددَ الموارنة٠الذين ÙŠÙØ¹Ù…Ù‘ÙØ¯ÙˆÙ†Ù‡Ù…ØŒ ولا عددَ القداديس التي ÙŠÙØÙŠÙˆÙ†Ù‡Ø§ Ùقط، بل عدد٠الموارنة٠الذين ÙŠÙØ¹ÙŠØ¯ÙˆÙ†Ù‡Ù… إلى لبنان. ليست المارونية٠بخطر٠ÙÙŠ أوستراليا والبرازيل وأميركا الشمالية بل ÙÙŠ لبنان والشرق الأوسط. ÙˆÙÙŠ هذا الإطار لا بدّ من أن يسعى البطريرك٠الجديد لدى الدولة اللبنانية من أجل إعادة تجنيس اللبنانيين المغتربين بمرسوم، لأن المغتربين من الجيل الثاني وما بعدَه لا يستطيعون Ø§Ù„ØØµÙˆÙ„ÙŽ على الأوراق٠الثبوتية ÙƒØ§ÙØ©.
هكذا Ù†ØØ§Ùظ على التأثير الماروني الÙكري، الثقاÙÙŠØŒ Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØŒ والروØÙŠ ÙÙŠ الØÙŠØ§Ø© العامة. وهذا التأثير٠هو القيمة٠الأساسية، لا Ø§Ù„Ù…Ø¶Ø§ÙØ©ØŒ للموارنة٠ÙÙŠ لبنان. إنه وزنٌ بل وزَنات٠الكنيسة المارونية.