ما لم تَحدُث انتفاضةٌ شعبيّةٌ نوعيّةٌ قبلَ الانتخاباتِ النيابيّةِ في أيّارَ المقبل تُوقِدُ شُعلةَ التغيير، قد يَختارُ معظمُ الشعبِ اللبنانيِّ نوّابَه من بينِ مرشَّحي قوى المنظومةِ السياسيّةِ التقليديّة. ليس هذا التوقّعُ بشيرَ تغيير. لم يَعُد الصِراعُ بين الانتفاضةِ الشعبيّةِ والمنظومَةِ السياسيّةِ التقليديّةِ بِقدْرِ ما صار بين أهلِ المنظومةِ أنفسِهم، وبين دعاةِ التغييرِ أنفسِهم. تَهمّشَت نسبيًّا القوى الجديدةُ التي تَعتبرُ نفسَها قوى التغييرِ، واغْتربَ بعضُها في ولاءاتِه على غرارِ التقليديّين. والرياحُ العاتيةُ لا تَرحَمُ الأغصانَ الطريّةَ المبعثَرة.
وإذا كان التنافسُ بين قِوى المنظومةِ التقليديّةِ عاملًا يُساعدُها لتَتقاسَمَ في ما بينَها نتائجَ الانتخاباتِ النيابيّةِ، فالانقساماتُ بين القِوى الجديدةِ عاملُ ضُعفٍ يُعطِّلُ انطلاقَها السياسيَّ والانتخابيَّ ويَحرِمُها الكتلَ الشعبيّةَ الناخبَةَ التي تؤمِّنُ الحاصِلَ والصوتَ التفضيليّ. قانونُ الانتخاباتِ الحاليُّ، بحدِّ ذاتِه، ضِدُّ مصلحةِ الوجوهِ الجديدةِ شِبهِ المجهولة. هذا قانونُ أصحابِ القواعدِ الثابتةِ والخدَماتِ المتوارَثةِ والثرَواتِ الطائلة. وإذا كانت أكثريّةُ دعاةِ التغييرِ تَفتقِرُ إلى القواعدِ الشعبيّةِ الثابتةِ والخدَمات، فبعضُها يَسْتجِرُّ إمداداتٍ ماليّةً تفوقُ أحيانًا قُدُراتِ بعضِ القوى التقليديّة…