سجعان قزي وزير سابق
نحن في القرنِ الحادي والعشرين. تَغيّر مفهومُ الانتصارِ والهزيمة. ما عادت السيطرةُ تُبرِّرُ حربًا، ولا التنازلُ يُبرِّرُ سلامًا. لا قيمةَ لأيِّ نضالٍ خارجَ خيرِ الإنسانِ وأمنِه ورفاهيّتِه وتَقدُّمِه الحضاريّ، ولا قيمةَ لأيِّ انتصارٍ على حسابِ الحياةِ والأطفالِ والأخلاقِ والمبادئ. هناك انتصاراتٌ تُشبِه الهزائم، وهزائمُ تحاكي الانتصارات. هي هذه حكايةُ الصراعِ الفِلسطينيِّ/الإسرائيليّ. يَصعُبُ على الشعبِ الفِلسطينيِّ أن يحيا في الهزيمةِ، ويَتعذّرُ على الشعبِ اليهوديِّ أن يحيا في الانتصار. وحدَه الحقُّ، بل وحدَها العدالةُ الإنسانيّةُ تَضمَنُ نهايةَ الحروبِ وبدايةَ السلام بين البشر. الانفجارُ الجديدُ الذي نَشب بين إسرائيل والفِلسطينيّين في 07 أيار 2021 أبعدُ من الخلافِ على الصلاةِ في باحةِ المسجِد الأقصى. إنّه يَحمِل في عمقِه هذه المشاعرَ والمفاهيمَ ونقيضَها.
في التفسيرِ الوطني، انتفاضةُ أورشليم وغزّة فَجّرها غضبٌ فِلسطينيٌّ دفينٌ وقهرٌ عتيقٌ عمرُه سبعون سنة. منذ 1948 والغضبُ والقهرُ يَكبُران ويَتفجَّران بأشكالٍ شتّى في أمكنةٍ مختلِفةٍ، وأحيانًا في غيرِ الساحةِ الصحيحة… لا تستطيعُ إسرائيلُ دعوةَ الفِلسطينيّين إلى مفاوضاتِ سلامٍ فيما تَستكْمِلُ القضاءَ على آخِرِ معالمِ وجودِهم. ما تَركت إسرائيلُ للفِلسطينيّين سوى الحجرِ والبندقيّةِ و”الله أكبر” و”يا يسوعَ المسيح”. احتلّت فِلسطين. توسّعت في الضِفّةِ الغربيّة. ضَمَّت كلَّ أورشليم و”طَوَّبتْها” عاصمةً لها. أَلغَت حلَّ الدولتَين. أعلنت دولةَ إسرائيل يهوديّةً قوميّة. صَنَّفت المواطنين الفِلسطينيّين فيها درجةً ثانية. زادَت عددَ المستوطَناتِ في الضِفّةِ وعَمَّمت عليها القانونَ المدنيَّ الإسرائيليّ. واصَلت تهجيرَ الفِلسطينيّين المقيمين بالألوف. رَفضَت حقَّ عودةِ فِلسطينيّي الشَتات. وتَتحضّرُ لضَمِّ أجزاءَ إضافيّةٍ من الضِفّةِ الغربيّةِ (ثُلُث غَوْرِ الأردن). لو كان الشعبُ الفِلسطينيُّ حَجرًا لتَحوّلَ ثائرًا، فكيف وهو إنسانٌ ثائرٌ أصلًا ويُحسِنُ رميَ الحجَر و… الصاروخ.
![Wehbe apologised, saying he did not mean to offend 'brotherly Arab countries' [Screenshot/Reuters]](https://www.aljazeera.com/wp-content/uploads/2021/05/2021-05-18T161359Z_3_LWD0019XZEK3R_RTRWNEV_E_2021-LEBANON-CRISIS-GULF.jpg?resize=570%2C380)






