سجعان قزي
@AzziSejean
جميعُ طوائف لبنان، أكانت قويّةً أم ضعيفةً، تجتازُ أزَمات. وعوضَ أن تُوحِّدَها الأزَماتُ تُفرِّقُها. ما يُميّزُ أزْمةَ المسيحيّين أنها أزمةٌ وجوديةٌ بينما أزماتُ الآخَرين سياسيّة. الفئاتُ الأخرى تَطمَحُ إلى مزيدٍ من الرُبحِ، والمسيحيّون يحاولون الحدَّ من الخَسارة. الفئاتُ الأخرى تَدخُل إلى المستقبلِ اللبنانيِّ، والمسيحيّون يَخرجون منه. الفئاتُ الأخرى تَبحثُ عن وجودِها في السلطةِ، والمسيحيّون عن وجودِهم في الجُغرافيا اللبنانيّة. يَشعرُ المسيحيّون، وبخاصّةٍ الموارنةُ، أنهم أسّسوا هذه الدولةَ/الوطن، وها هي تُنشَلُ منهم وصاروا مخيَّرين بين اتّباعِ الآخَرين أو الهِجرةِ من دونِ أن يُفكِّروا بخِيارِ المواجهةِ، أو على الأقل بخِياراتٍ دُستوريّةٍ أخرى وتنفيذِها من دونِ خَجَلٍ أو حَرَج.
باتَ الرأيُ العامُّ المسيحيِّ يُحمِّلُ المسؤوليّةَ الرئيسيّةَ لضُمورِ السلطةِ المارونيّةِ لدى بعضِ القوى المارونيّةِ وزعمائِها الّذين انتقلوا من مقاومةِ الأعداءِ إلى الاقتتالِ في ما بينَهم، ثم إلى العَداءِ الحاقِد من خلال تحالفاتٍ هجينةٍ وتَبعيّةٍ، فأَنْهكوا شعبَهم ومجتمعَهم. وبمنأى عن مواقفِ بعضِ الأطراف، بما فيها حزبُ الله، ما كان لبنانُ بَلغَ هذه الحال لو كانت تَصرّفاتُ بعضِ القادةِ المسيحيّين وخِياراتُهم وتحالفاتُهم من التسعينيّات الماضيةِ حتى اليوم مختلفةً، ولَمَا كانت رئاسةُ الجُمهورّيةِ تَعرّضَت للإهانةِ والإذلالِ لو كان بعضُ هذه القياداتِ تهيَّأَ للاستحقاقِ الرئاسيِّ بشكلٍ آخَر، وواجَهَه بأسماءَ أُخرى. ألا نرى كيف جميعُ الأطرافِ يَمرحُون ويَتسلَّون ويَهزأُون بالمرشّحينَ الموارنِةِ إلى رئاسةِ الجُمهوريّة كأنّهم كُراتُ بِلْيارد؟