سجعان قزي
@AzziSejean
هل كان يجوز أن تُعقدَ قِمّةٌ لبنانيّةٌ تَضمُّ، بعدَ طولِ فِراق، رئيسَ الجُمهوريّةِ ورئيسَ مجلسِ النوّاب ورئيسَ حكومةِ تصريفِ الأعمال لاستقبالِ موفَدٍ أميركيٍّ والتفاوضِ معه حولَ تفاصيلِ ترسيمِ الحدودِ البحريّةِ بين لبنان وإسرائيل؟ ماذا تَركتم أيّها الرؤساءُ “المِضْيافون” لاستقبالِ الملوكِ والرؤساء؟!
لكنَّ قِمّةَ الرؤساءِ الثلاثيّةَ كَشَفت أنَّ النظامَ اللبنانيَّ، منذ دستورِ الطائف، حوّلته الطبقةُ السياسيّةُ، بإشرافٍ سوريٍّ بدايةً، نِظامًا فدراليًّا هجينًا لا على أساسٍ طائفيٍّ فحَسب، بل على أساسٍ مَذهبيّ. ورغم ذلك، ينتقدُ فِدراليّو الطائف الفدراليّةَ ويَعتبرونها تقسيمًا. أجل، إنَّ الفدراليّةَ بالشكلِ الـمـُطبَّقةِ فيه منذ مطلَعِ التسعيناتِ هي تقسيمٌ دستوريٌّ من فوق وواقعيٌّ من تحت، بينما الفدراليّةُ النظاميّةُ الحضاريّةُ هي اتّحاد. وكلّما التقينا كبارَ الديبلوماسيّين المعتمَدين في لبنان يَعترفون بالواقعِ الفدراليِّ الغريب، ويَدعونَنا إمّا إلى الخروجِ منه أو إلى تطبيقهِ حسَبَ الأصولِ الدستوريّة. وما كان الموفدُ الأميركيُّ هوكشتاين “فَرضَ” لقاءَ الرؤساءِ الثلاثةِ معًا، إلا لأنّه تيقّنَ من وجودِ ثلاثِ سلطاتٍ على الأقلّ في لبنان، وكلُّ واحدةٍ تَملِك حقَّ الفيتو كأمرٍ واقعٍ فِدراليّ.
مهما يكن، يبقى أنَّ التقدّمَ الحاصلَ في مفاوضاتِ الحدودِ البحريّةِ بين الجانبين اللبنانيِّ والإسرائيليِّ بوِساطةٍ أميركيّةٍ كافٍ لاستئنافِ اجتماعاتِ الناقورة، لكنّه غيرُ كافٍ بعدُ لتوقيعِ الاتّفاقِ مع ملحقاتِه. وإذا كان لبنانُ وإسرائيل يُعطيان الأولويّةَ لاستخراجِ الغازِ على السجالِ الحادِّ حولَ الحدود، خصوصًا بعد تراجعِ لبنان إلى الخطّ 23، تَظلُّ الخَشيةُ أن تُخفيَ إسرائيلُ، كعادتِها، عُقدةَ رُبعِ الساعةِ الأخير.