سجعان قزي
@AzziSejean
لا شكَّ أنَّ لدى المعنيّين النيّةَ الصادِقةَ لعدمِ تأليفِ حكومةٍ جديدة، ولا يَتورَّعون عن إعلانِها كلّما سَنحَت لهم المنابِر والحناجر. يَتوزَّعون، مع القوى السياسيّة، صلاحيّاتِ تعطيلِ المؤسّساتِ الدستوريّةِ كأنَّ التعطيلَ أصبح حالةً ميثاقيّة. كان المسُّ بمؤسّسةٍ دستوريّةٍ جريمةً لا تُغتَفر فصارت، في السنواتِ الأخيرة، وِجهةَ نَظر. كانوا يُقْدِمون عليها بخفَرٍ فصاروا يُجاهرون بها بوقاحة. كانوا يَجهَدُون لتأليفِ حكومةٍ جديدةٍ، فصاروا يَلتمِسون اجتهاداتٍ دستوريّةً من كلِّ صَوبٍ لتعويمِ حكومةٍ مستقيلة. كانت المنافسةُ لإشغالِ مناصبِ هذه المؤسّساتِ، فأمْسَت لتفريغِ المؤسّساتِ بحدِّ ذاتِها. دولةٌ في طورِ الأُفول قبلَ الاتّفاقِ على بديل.
أصلًا الدولةُ الأصيلةُ، دولةُ لبنانَ الكبير، عَدّها البعضُ دولةً بديلة. كان لبنانيّون يَعتبرونها بديلًا عن جبلٍ أشمَّ ما زال يُراودُ عِزّتَهم، وآخَرون بديلًا عن وِحدةٍ عربيّةٍ أو إسلاميّةٍ حضاريّةٍ هامدةٍ في الوِجدانِ، ومع حزبِ الله أُضيفَ مفهومُ الدولةِ الرديفةِ لإيران الخُمينيّة. واللافتُ الـمُحزِنُ أنَّ لبنانَ ما شارفَ في تاريخِه الحديثِ على السقوطِ الكيانيِّ أكثرَ ممّا حينِ تَـمَّ الاعترافُ به “وطنًا نهائيًا”. في ظنّي، سببُ هذه الظاهرةِ الغريبةِ هو أنَّ الاعترافَ بنهائيّةِ لبنان تَرافقَ مع تغييرِ هُويّتِه، والخروجِ عن الحِياد، وتقويضِ انتظامِ مؤسّساتِه الدستوريّة، والانتقالِ مباشرةً من عدمِ الولاءِ للبنان إلى الرغبةِ في امتلاكِه من دونِ المرورِ بالولاءِ الحقيقيِّ والصادقِ والصافي. من يومِها صار التعيينُ قاعدةَ الديمقراطيّةِ اللبنانيّةِ والانتخابُ استثناءَها، وأصبَحت المؤسّساتُ الدستوريّةُ نوعًا من الكماليّاتِ أو الـمُتمِّمات.