سجعان قزي
@AzziSejean
تُقبِلُ الانتخاباتُ النيابيّةُ في لبنان مُطوَّقةً خارجيًّا بمؤتمرِ فيينا وانتفاضةِ المسجِدِ الأقصى وحربِ أوكرانيا والتطبيعِ العربيّ وزيارةِ البابا فرنسيس، وتأتي داخليًّا مُهدَّدةً بقانونِ انتخابٍ هَجينٍ ومرشَّحين كُثرٍ هواةٍ والتفافٍ على تصويتِ المغتربين وانهيارٍ زاحفٍ وفَقرٍ منتَشرٍ وانتخاباتٍ رئاسيّةٍ مُثقلَةٍ بالمخاطرِ وصراعٍ وطنيٍّ حولَ وجودِ لبنان. واقعُ الانتخاباتِ يُحرّضُ على التصويتِ بورقةٍ بيضاء، لكنَّ مصيرَ لبنان يُشجِّعُ على المشاركةِ الكثيفةِ حِفاظًا على لبنانَ وطنًا ودولةً وهُويّة. الصوتُ هذه المرّةَ بندقيّة. لا نختارُ بين لوائحَ بل بين لُبنانات.
في هذا السياق، إلى أيِّ مدى يَحضُرُ الحِسُّ الوطنيُّ في لحظةِ الخِيارِ الانتخابيّ؟ كان الفيلسوفُ النمساويُّ لودفيغ فتغنشتاين Ludwig Wittgenstein (1889-1951) يُردِّد: “لستُ رجلًا مُتديّنًا، لكنْ لا مَناصَ مِن النظرِ إلى كلِّ قضيّةٍ تواجِهُني من زاويةٍ دينيّة”. الترجمةُ اللبنانيّةُ لهذا القول هي: إلى أي مدى يَصعُبُ على المواطن، مهما كان انتماؤه، أن يَتجاوزَ الحِسَّ الوطنيَّ لحظةَ الخِيار الانتخابيِّ؟ وما مدى غَلَبةِ مصلحةِ الوطنِ على مصالحِ المواطنِ في هذا الزمنِ الرديء؟ أثناءَ صلاةِ الجمعةِ العظيمةِ اسْتقرّت في ذاكرتي عبارةُ: “ شَبِعَتْ من البَلايا نفْسي، ودَنَتْ من الجحيمِ حياتي”. بتعبيرٍ لبناني، معاناةُ المواطنِ في هذه المرحلةِ تَـمَزُّقُهُ بين أوْلويَّتين: وَجعُه ووجعُ الوطن.