النكتة عند اللبنانيين, ليست عريقة ولاوراثية أصلاً انما هي حديثة مكتسبة, ومع الوقت حملت البداهة
فافينيقيون لم يلتهوا بالسخرية والتندر بل كانوا تجاراً ومخترعين.
والشعوب المتعددة التي تعاقبت على لبنان من مصريين وأشوريين وبابليين وفرس ويونان… لم يهتموا الا بالتهم العسكرية التي لا تمت الى روح الدعابة بصلة.
وايضاًالعرب لم يكونوا من اهل الهزل والدعابة بل فاتحين ومقاتلين وايضاً العثمانيين الذين كانوا سفاحين واعداء للحرية ولكل ما هو انساني.
لذلك لا نعجب من أن تكون النكتة قد اتصلت بألبنانيين منذ منتصف القرن التاسع عشر فأقبلوا على فن التنكيت وابدعوا به وأن اردنا تعداد اسماء الظرفاء في لبنان نذكر على سبيا المثال لا الحصر: سليم سركيس، شاكر الخوري، اسكندر العازار، مارون عبود، يوسف شرابيه، اسكندر الرياشي ، نجيب حنكش… هؤلاء هم افراد لكن بين اللبنانيين اسرة بأمها وابيها ذاع صيتها وملأت الارجاء في التنكيت، هي الأسرة الخازنية، فتنكيتها ظاهرة فريدة ملفتة، حتى باتت مضرب مثل. وكثيراً ما يقول الناس بصورة عفوية لدى سماعهم نكتة موفقة: انها خازنية! أو يتساءلون: هل هي خازنية؟
فما حكاية هذة الظاهرة؟
لا شك ان المرء ابن بيئته، وبيئتهم اسرتهم المتجذرة والباسطة ظلها ÙÙŠ بقعة من لبنان، هي كسروان. وكما انهم يتوارثون لقب الشيخ، ويتوارثون الأملاك والعقارات عن الأباء… كذالك يتوارثون النكات.
ÙØ§Ù„نكتة اذاً عندهم وراثية، ولا جدل.
ووراثتها نتيجة (العدوى)ØŒ ÙˆØ§Ù„ÙØ·Ø±Ø© السلالية جدي ينكت، والدي ينكت، اخي الاكبر ينكت، Ùلماذا أنا لا انكت مثلهم؟
ÙØ£Ù„عناصر Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ©ØŒ والعشرة، والسمع، واللاوعي، وقل العدوى، تضع النكتة لدى الخازنيين عاى رؤوس ألسنتهم، ØØªÙ‰ اذا ما ØªÙ†ÙØ³ÙˆØ§ عبقت النكتة من Ø£Ù†ÙØ§Ø³Ù‡Ù……
وما عزز جرأت هذه العائلة على التنكيت عنصران مهمان :
-
الأول, ان اقطاعتهم غير العسكرية، Ø§Ø²Ø§ØØª عن كاهلهم ثقل الدسائس والوسواس، ما ÙˆÙØ± لهم ÙØ³ØØ© Ø§Ù„ÙØ±Ø§Øº للتنكيت، بخلا٠العائلات الأقطاعية الأخرى المنهمكة ÙÙŠ Ø§Ù„ØªÙ†Ø§ÙØ³ على السلطة ÙÙŠ طوال البلاد وعرضها وهمهم Ø§Ù„Ù…ØØ§Ùظة على مناصبهم ÙØ§Ù† المشايخ الخازنيين كانوا Ù…ØªØØ±Ø±ÙŠÙ† من هذا الهم.
-
أما العنصرالثاني Ùيكمن ÙÙŠ أن اقطاعية بيت الخازن، اذا ما راجعنا تاريخ الاقطاعيات لوجدنا انها كانت رØÙŠÙ…Ø© عادلة ÙˆÙ…Ù†ÙØªØØ© بألنسبة لمÙهومها ÙÙŠ ذاك الزمان، وليس طبعاَ بالنسبة الى النظام الجمهوري الديموقراطي، الذي تعرÙÙ‡ المجتمعات البشرية اليوم.
ÙØ£Ù„خازنييون، صØÙŠØ أنهم كانوا اقطاعيين، لكن Ø§Ù„Ø£ØµØ Ø£ÙŠØ¶Ø§Ù‹ØŒ أنهم كانوا قريبين من الشعب، ÙØ£Ù„ÙلاØÙˆÙ† ÙÙŠ أراضيهم كانوا شركاء لا مسخرين
والشيْء Ø§Ù„Ù…Ø£Ù„ÙˆÙØŒ أن الاقطاعي المستبد المستعبد Ùˆ المتجبر المتكبر يقيم هوة سØÙŠÙ‚Ø© بينه وبين من هم دونه أو ØªØØª سيطرته ÙˆØÙƒÙ…ه، ويتلبس العبوس والوجوم والصرامة ÙÙŠ وجهه ÙˆÙÙŠ ØªØµØ±ÙØ§ØªÙ‡ØŒ Ù„ÙŠÙØ±Ø¶ هيبته ورهبته، ثم انه لا يسهل دخول الارساليات الاجنبية الى منطقته، ويساعدها على انماء العلم ÙˆØ§Ù„Ù…Ø¹Ù„Ø±ÙØ© ÙÙŠ أوساط الشعب ولا يق٠الاراضي على الرهبانيات ولا يبني الكنائس… ÙÙŠ ØØ¨Ù† أن الخازنيين لم يكونوا من هذا الصن٠على الاطلاق وأنما كانوا عكسه ÙˆÙÙŠ ØØ§Ù„Ø© تمازج واختلاط يومي ÙˆØªÙØ§Ù‡Ù… مع الأهالي، والا من أين أتتهم ظاهرة التنكيت، وهي التي تستلزم الضØÙƒ ÙˆØ§Ù„Ø§Ø¶ØØ§Ùƒ. ولا ضØÙƒ ÙˆØ§Ø¶ØØ§ÙƒØŒ ان لم يكن Ù…ØØ±ÙƒÙ‡Ù…ا Ø§Ù„Ù…Ø±Ø ÙÙŠ Ø§Ù„Ù†ÙØ³ والتساهل ÙÙŠ المعاملة والسخاء ÙÙŠ العطاء والانبساط ÙÙŠ العيش، والتواضع ÙÙŠ التعاطي مع الاخرين… Ùˆ"من كان Ùيه دعابة Ùقد برأ من الكبر" يقول المام علي. وهكذا الخازنييون.
ويتميز الخازنييون بنكاتهم الواقعية، Ø§Ù„Ù…ØºÙ„ÙØ© بألبساطة ØÙŠÙ†Ø§Ù‹ÙˆØ¨Ø£Ù„ØÙƒÙ…Ø© والنقد ØÙŠÙ†Ø§Ù‹ اخر والمبطنة بألتورية والمتلاعبة على الكلام ÙˆØ§Ù„Ø£Ù„ÙØ§Ø¸ والأسماء، وغير الخالية من Ø§Ù„ÙØ§Ø¬Ø£Ø© على ØÙŠÙ† غرة أوعن سابق تصور وتصميم أن الخازنيين، وقد رزقوا خصوصية التنكيت، لضاربون ÙÙŠ النكتة العميقة الهازئة المؤلمة المتأدبة المجونية، وقد تناولو Ùيها كل المواضيع من وطنية وسياسية واجتماعية وهلم جرا، Ùهم ØÙ‚اً اسيادها ومعلموها.
انهم يداوون القلوب بغير دواء ويريØÙˆÙ† النÙوس بغير عزاء. ان نكاتهم لها على الأدب أضواء ساطعة، أنصÙوا Ùيها ذواتهم وأنصÙوا الناس الذين يرددون نكاتهم وهم ÙÙŠ هناء ÙˆÙØ±Ø. ولا نغالي اذا قلنا ان أصل النكات ÙÙŠ لبنان الخازنييون ÙˆÙØ±Ø¹Ù‡Ø§ سواهم ولولاهم لكان المنكتون ÙÙŠ Ø´Ø. وهذا ما يقر به من هم على جانب من التذوق الÙني ÙˆØ±Ù‡Ø§ÙØ© Ø§Ù„ØØ³ ÙÙŠ تقدير الجيد من النكات ÙˆØªÙØ¶ÙŠÙ„ها ÙˆØØ³Ø¨Ù‡Ù… ما أعطو من نكات شهية، Ø£ÙˆØØª بألضØÙ‚ وأرجت الزمان بألطيب.