النظريات الإجتماعية عند فيجوتسكي وباندورا
من المعروف أن علم النفس ،كعلم قائم بذاته، هو علم حديث. وعلى الرغم من حداثته فقد استطاع أن يطال باهتماماته معظم مناحي الحياة، إن لم نقل جميعها على الإطلاق.
ومضى قدماً في دراسة الخصائص النفسية لأوجه النشاط المختلفة التي يمارسها الإنسان وأثرها في سلوكه، ومحاولته الوصول إلى أدق القنوات التي تربط الفرد بالآخرين خلال مراحل حياته.
فقد كان من نتائج التقدم السريع للعلم والتقنية في عصرنا، ونشوء ضروب جديدة من النشاط الإنساني، أن وقف علم النفس أمام زيادة كبيرة في حجم اهتماماته تكافئ ما استجد من قطاعات إنتاجية وخدمية وسواها وما سُخر في سبيلها من أدوات ووسائل وآلات. وكان عليه أن ينهض بمسؤولياته ويواكب، بل ويسهم، في تهيئة أسباب التطور اللاحق وتحسين شروطه وأدواته. ومن خلال هذا المسعى ظهرت فروع علم النفس وتشعبت استجابة لمتطلبات العصر وأهداف المجتمعات وحاجات الأفراد المتزايدة.
وهكذا يمكن تصني٠Ùروع علم النÙس بالاعتماد على أسس ثلاثة، وهي:
1-النشاط الذي يمارسه الإنسان.
2-النمو النÙسي.
3-علاقة الإنسان بالآخرين.
Ùلقد أدى اهتمام علم النÙس بدراسة الظواهر النÙسية من خلال أوجه النشاط الإنساني المختلÙØ© إلى ظهور عدد من الÙروع والأقسام، ومن بينها:
-علم النÙس التربوي: الذي يدرس القوانين النÙسية للنشاط التربوي والتعليمي عبر Ù…Øاولاته Ù„ØÙ„ المسائل المرتبطة بتوجيه عملية اكتساب المعار٠والمهارات والقدرات والعوامل التي تؤثر ÙÙŠ نجاØها، والÙروق الÙردية بين الدارسين.
ومن بين الرائدين ÙÙŠ هذا المجال، نذكر لي٠Ùيجوتسكي وألبير باندورا الذين Ù†ØÙ† بصدد دراسة Ø£Ùكارهم الإجتماعيّة.
يعتبر Ùيجوتسكي المنظر الرئيسي ÙÙŠ إطار وميادين النمو العقلي الذي توÙر لديه التقدير العميق لكل من القوى النمائية والبيئية.
ولد Ùيجوتسكي ÙÙŠ 17 تشرين الثاني 1896 ÙÙŠ بيلاروسيا، وكونه يهودي، تعرّضت عائلته للإضطهاد الذي كان سائداً ÙÙŠ تلك الÙترة ÙÙŠ اوروبا. ولكن عائلته أصرت على المثابرة واستطاعت أن توÙر التعليم لأطÙالها عامةً ÙˆÙيجوتسكي خاصةً، Ùدرس التاريخ والÙلسÙØ© وعلم النÙس، وكونه ماركسياّ وبعد قيام الثورة البلشيÙيّة عام 1917ØŒ دخل عالم السياسة والÙكر وقد تركت أعماله أثراً كبيراً ÙÙŠ الغرب والعالم.
نظرية Ùيجوتسكي Øول الأدوات النÙسية
لقد تأثر Ùيجوتسكي بأنجلز وكتاباته Øول استخدام الأدوات، ويرى أنه كما خلق البشر وطوّروا أدواتهم للسيطرة على البيئة، خلقوا أيضاً أدوات Ù†Ùسية للسيطرة على سلوكهم الخاص وسماها العلامات أو الإشارات والثقاÙØ© هي التي تزوّد الإنسان بهذه الإشارات.
ولعل الإشارة الأهم هي الكلام التي لها أهمّية كبيرة بالنسبة للطÙÙ„ Øيث يمكنه المشاركة بذكاء وقوة ÙÙŠ الØياة الإجتماعية، وهو يسهّل عملية التÙكير. ÙÙÙŠ سن الرابعة، لاØظ Ùيجوتسكي أن الأطÙال يبدأون ÙÙŠ استرجاع الØوار الذي دار بينهم والآخرين. ÙÙŠ البداية يكون بصوت عال، ÙˆÙÙŠ مرØلة لاØقة يسترجعونه منÙردين.
ومن المهارات أيضاً الكتابة والنظام العددي، والكتابة تكون عمليّة صعبة بالنسبة للأطÙال لما تتطلبه من تخلي عن الكلام والتعبير الجسدي. والنظام العددي له أهمّيته بسبب عجز الإنسان عن تØديد كمية الأشياء بالنظر إليها Ùقط. كما وأنّ الثقاÙØ© التي ينمو ÙÙŠ إطارها الطÙÙ„ تساعده على التوصل إلى بعض المÙاهيم التجريديّة من خلال خبراته اليومية.
اللغة
اللغة هي أكثر الأدوات النÙسية أهمية بالنسبة Ù„Ùيجوتسكي واشار إلى أن القدرة على الإندماج ÙÙŠ الØوار الداخلي تتطور عبر 3 خطوات:
– تØدث الإشارة إلى أشياء غير موجودة، مثل الطÙÙ„ ÙÙŠ سن الثانية عندما يسأل عن المساعدة ÙÙŠ العثور على شيء.
– ÙÙŠ سن الثالثة، عندما يوجه الطÙÙ„ إلى Ù†Ùسه تعليقات ويبØØ« عن أشياء لا تقع ÙÙŠ Ù…Øيطه
– ÙÙŠ سن الثامنة، يتØول Øديث الطÙÙ„ إلى Øديث صامت
العملية إذاً هي عمليّة إستدخال للتÙاعل الإجتماعي والذي يبدأ بعلاقات شخصية بين الأÙراد، تØدث بين الأهل والطÙÙ„ وتؤثر ÙÙŠ Ù†Ùسيته. Ùهذا المبدأ بنظر Ùيجوتسكي والماركسية هو Øجر الأساس.
– الهد٠التربوي ÙÙŠ ظل النظريات الاجتماعية المعرÙية
من أنصار هذه النظريات يمكن أن نجد ألبير باندورا. ويØدد هذا الأخير التعلم الاجتماعي
المعرÙÙŠ قائـلا: "نستعمل كلمة اجتماعي لأن الÙكر والممارسة يعتبران ظاهرتان اجتماعيتان من
Øيث جوهرهما ونستعمل كلمة معرÙÙŠØŒ لأن سيرورات الÙكر تؤثر على الداÙعية والانÙعالات.
من هنا يمكن القول إن التعلم من منظور هذه النظريات هو عملية يتم على أساسها،
اكتساب الÙرد لسلوكيات جديدة، من خلال موق٠أو إطار اجتماعي أو ثقاÙÙŠØŒ وبالتالي Ùإن ما
يجعل نظريات التعلم الاجتماعي المعرÙÙŠ تتميز عن النظريات السلوكية وعن النظريات النÙسية –المعرÙية بشكل عام، هو تركيز اهتمامها على الأبعاد الاجتماعية والثقاÙية والمعرÙية للتعلم، وتأكيدها على المكانة الغالبة للتÙاعل الاجتماعي والثقاÙÙŠ ÙÙŠ آليات التعليم، والسؤال الذي يهمنا ÙÙŠ هذا السياق هو: ما هو الهد٠التربوي ÙÙŠ ظل هذا النظريات الاجتماعية المعرÙية للتربية؟ وكي٠يØدث تØقيقه؟
للإجابة على هذين السؤالين، نرى أنه من المÙيد التعرض لمقاربة من مقاربات التعليم التي
يقترØها ألبير باندورا لتØقيق الأهدا٠التربوية، Ùما هي هذه المقاربة؟
بالرغم من مواÙقة باندورا على مبدأ التعزيز وأثره ÙÙŠ تقوية السلوك، إلا أنه يشير إلى أن التعزيز ÙˆØده، لا يعتبر كاÙيا لتÙسير Øدوث بعض أنماط السلوك التي تظهر Ùجأة لدى الطÙÙ„ØŒ ÙÙŠ ظرو٠لا نستطيع Ùيها أن Ù†Ùترض أن هذه الأنماط، قد تكونت تدريجيا عن طريق التعزيز ÙŠØªØ¶Ø Ù…Ù† هذا القول أن باندورا لا يرÙض التعزيز جملة وتÙصيلا، ولكنه "ÙŠÙترض أن التعلم عن طريق النموذج. يمكن أن ÙŠÙسر لنا Øدوث التعلم، Ùماذا يقصد هذا الباØØ« بالتعلم بواسطة النموذج؟
للنظريات الاجتماعية المعرÙية مجموعة من المقاربات المختلÙØ© للتعلم بواسطة النموذج وتشكل مقاربة باندورا Ø¥Øدى أهم المقاربات التي تساعد على تØقيق الأهدا٠التعليمية. وسنكتÙÙŠ بتقديم هذه المقاربة. إنها مقاربة التعلم الإجتماعي المعرÙÙŠ عن طريق النموذج: يتطلب تØقيق الهد٠التعليمي ÙˆÙÙ‚ هذه المقاربة، المرور بالمراØÙ„ التالية: تØليل السلوكات، وص٠مردودية السلوك وانتقاء نموذج من نماذج السلوك المراد، إعداد الØصة التعليمية.
أن ظهور هذه الدراسات كان استجابة للمتطلبات التي Ø£Ùرزها التطور الاجتماعي، ومØاولة
لإيجاد Øلول للمشكلات التربوية التي بدأت ØªØ·Ø±Ø Ø¨Øدة على الأولياء والمعلمين. وما من
Ø£Øد يستطيع أن يقلل من شأنها ÙÙŠ تØديد موضوعات علم النÙس النمائي والتربوي بصورة
خاصة، ودورها الإيجابي ÙÙŠ انتهاج طرائق عملية لبØثها ومعالجتها. وإذا كنا بصدد إبراز
القيمة التاريخية والعلمية لجهود العلماء ÙÙŠ ميدان علم النÙس التربوي والنمائي، Ùإنه من
الواجب أن نذكّر بالأعمال التي قام بها عشرات العلماء، أمثال Ø¥. ميمان ÙÙŠ ألمانيا وأ. نيجاي٠ÙÙŠ روسيا وت. ريبو ÙÙŠ Ùرنسا ود. ميد ÙÙŠ الولايات المتØدة الأمريكية، بالإضاÙØ© إلى لي٠Ùيجوتسكي وألبير باندورا.