أهمية الجبل الجيوبوليتكية
لطالما تمتع الجبل بوظائف وأهمية جيوسياسية كبيرتين، فهو يمكن أن يكون ملجأ لجماعة معينة هاربة من ظلم جماعة أخرى أو يمكن أن يؤسس نواة وأرضاً خصبة لتصدير والقيام بثورات وحركات تمرد.
إنّ ظاهرة الجبل كملجأ للأقليات نلاحظه بشكل كبير في بلدان الشرق الأوسط عامة وأسيا خاصة عند الجماعات الدينية الأقلية التي هربت من الإضطهاد، فرأت في الجبل مكاناً وملاذاً آمناً لها، فاستوطنته ومكثت فيه.
إن الأقليات المسيحية أو الإسلامية في العالم العربي ذات الأكثرية السنية رأت في الجبال ملاذاً آمناً لها. فلبنان هو خير مثال على ذلك. فهذا الأخير وبفضل جباله وأوديته أي طبيعته الجغرافية شكل ملجأ آمناً عبر الأجيال لكل أصحاب عقيدة تخالف عقيدة الجماعة ذات الأكثرية والتي تحيط بها. فقد كان النساك من المسيحيين والمتصوفين من المسلمين والزهاد المتعبدون من الدروز يؤثرون مغاوره وكهوفه بالإضافة إلى الموارنة الذين فروا من اضطهاد اليعاقبة لهم، وجدوا في شمال لبنان ملجأً آمناً. وكذلك الدروز الذين حسبهم الإسلام على شيء من الهرطقة أتوا وسكنوا الجبل اللبناني. وأيضاً، تسربت جموع الشيعة هرباً من الضغط السني عليهم. ولبنان هو جبل بكل ما للكلمة من معنى. فقد كان الخط الفاصل الذي كان الفاتح يستطيع الوصول إليه. وكذلك الأمر للعلويين الذين استوطنوا ما يسمى بجبل أنصارية خوفاً من الإضطهاد الإسلامي لهم، وكذلك الشيعة في اليمن.
كما يمكن للجبل أن يكون ملجأ مثالياً للثوار. ÙÙÙŠ Ø£Ùغانستان مثلاً، وانطلاقاً من جبالها، استطاع المجاهدون خوض Øرب العصابات ضد الإتØاد السوÙياتي، Ùكما نعلم، لقد اØتل هذا الأخير Ø£Ùغانستان عام 1979 وخرج منها بهزيمة ÙادØØ© ÙÙŠ صÙو٠جنوده، Ùالثوار اتخذوا من جبالها الوعرة Øصناً لهم وشنوا Øرباً من خلالها استمرت Øتى انهيار المنظومة الإشتراكية.
كما يمكننا إضاÙØ©ØŒ أنه ÙˆÙÙŠ غالب الأØيان تعتبر الجبال ÙƒØدود طبيعية تÙصل بين الدول، ÙˆÙرنسا هي خير مثال على ذلك، Ùجبال البيريني تقصل بين Ùرنسا واسبانيا. كما يوجد دول تعتبر أنه من المهم السيطرة على هضاب مطلة على سهول هذه الدول باعتبارها مصلØØ© استراتيجية، Ùإسرائيل مثلاً تØتل هضبة الجولان المطلة على الجليل وبØيرة طبرية لأسباب استراتيجية عديدة، ÙباØتلالها لتلك الهضبة، تستطيع التØكم بجميع المصادر المائية الغنية بما ÙÙŠ ذلك السيطرة على الجليل وإصبعه بالكامل.
اما ÙÙŠ أسيا، ÙتØتل الصين منطقة التيبت والتي بنظرها وكما درجت المقولة، أنه من ÙŠØتل التيبت قد اØتل الصين، الهند ومنغوليا. ÙÙŠ الواقع، نجد ان هنالك اختلاÙات كثيرة Øول مسارات الØدود المتوازية مع الجبال. هل ترتÙع الØدود إلى خطوط تقسيم المياه أي إلى أعالي الجبال؟ أم يمكن أن تسير الØدود بموازاة السÙÙˆØØŸ
وقد يبدو من الطبيعي أن تسير الØدود مع خطوط تقسيم المياه بØيث تضمن لكل دولة Øرية التصر٠ÙÙŠ منابع أنهارها، خاصة وأن مناطق المنابع مؤهلة لتكوين مصادر عظيمة للطاقة الكهرمائية. لكن الأمور لا تسير دائماً على هذا المنوال. Ùالجبال ليست أراضي خالية من السكان، ولهذا لا يمكن التصر٠Ùيها بدون مراعاة لإنتماءات السكان اللغوية والØضارية.
ÙÙŠ النهاية، تبقى للجبال أهمية جيوسياسية كبيرة كملجأ للمضطهدين، أرضاَ خصبة للثورات والتمرد ÙˆØداَ Ùاصلاَ بين الدول.