لبنان: انتخاب أم «تصويت»؟
وليد أبي مرشد
أول ما يتبادر إلى ذهن من يراقب الردح الانتخابي المتمادي في لبنان أنها المرة الأولى التي يمارس فيها اللبنانيون حق الاقتراع لمجلس نيابي.. فالخطاب الانتخابي لمعظم المرشحين لا يوفر ما يسمى، في القانون اللبناني، «قدحا وذما»، وفي الشارع شتما وسبابا، وفي أدب الحياة بذاءة وإسفافا.
مناسبة هذه الملاحظة هي التقرير الثاني الذي أصدرته هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية في لبنان بعد تحليل 32 ألف تسجيل عائد لأنشطة وكلمات مرتبطة بالنشاط الانتخابي للمرشحين والسياسيين وفيه تخلص إلى الاستنتاج بأن الحملة الانتخابية عززت ما أسمته الهيئة بـ«خطاب الكراهية» المخل بإحكام المادة 68 من قانون الانتخابات النيابية ـ التي تنص على تأمين «التوازن والحياد والامتناع عن خطاب الكراهية» ـ ناهيك بإخلاله باللياقة السياسية وحتى بالآداب العامة في بلد لا يتحمل أمنه ولا اقتصاده لغة التحديات والشتائم.
تقرير هيئة الإشرا٠على الØÙ…لة الانتخابية يكش٠أن ديمقراطية Ø§Ù„Ø±Ø¯Ø ÙÙŠ لبنان تجلت بأبهى ØÙ„لها ÙÙŠ هذا الموسم الانتخابي. ولكنه ÙŠØ·Ø±Ø ØªØ³Ø§Ø¤Ù„Ø§Øª عما إذا كان ما يمارسه اللبنانيون ØØ§Ù„يا هو «Ø§Ù†ØªØ®Ø§Ø¨Ø§»ØŒ بالمعنى المتÙÙ‚ عليه ÙÙŠ دساتير الدول الديمقراطية، أم «ØªØµÙˆÙŠØªØ§» بمعنى «Ø¯Ø¨Ù‘ الصوت» عاليا ÙÙŠ وجه الخصم وشتمه ÙˆØØªÙ‰ تهديده إن اقتضت الضرورة الانتخابية.
ÙÙŠ بلد تتداخل Ùيه Ø§Ù„ØØ³Ø§Ø³ÙŠØ§Øª المذهبية مع Ø§Ù„ØØ³Ø§Ø¨Ø§Øª السياسية Ù€ المØÙ„ية منها والإقليمية Ù€ وتتقاطع Ùيه الولاءات Ø§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠØ© مع الإغراءات المالية المتدÙقة من كل ØØ¯Ø¨ وصوب.. قلّ من يمكن اعتباره ÙÙŠ لبنان ناخبا ØÙ‚يقيا، أي مواطنا ينتقي وينتخب، ضميريا، «Ø§Ù„قضية السياسية» لا «Ø§Ù„سياسي Ù€ القضية»ØŒ لتمثيله ÙÙŠ المجلس النيابي، علما بأنه بعد أكثر من شهر على انÙلات الخطابات الانتخابية من عقالها لم يعد خاÙيا أن العديد من المرشØÙŠÙ† ليسوا أكثر من «Ø³Ø¹Ø§Ø© بريد» ÙˆØ¸ÙŠÙØªÙ‡Ù… إيصال رسائل خارجية إلى قاعة البرلمان والترويج لها، ما يوØÙŠ Ø¨Ø£Ù† «Ù„بنان أولا» قد يكون الشعار المضطهد أكثر من غيره بين الشعارات Ø§Ù„Ù…Ø·Ø±ÙˆØØ© ÙÙŠ الØÙ…لة.
عبثا ÙŠØØ§ÙˆÙ„ Ø§Ù„ÙØ±ÙŠÙ‚ان Ø§Ù„Ù…ØªÙ†Ø§ÙØ³Ø§Ù† على مقاعد البرلمان Ø¥Ø¶ÙØ§Ø¡ طابع «Ù…بدئي» Ù€ كي لا نقول عقائدي Ù€ على قضيتهم، ÙØ§Ù„ناخب اللبناني لا تستهويه الشعارات الوطنية أو الاجتماعية بقدر ما ØªØØ±ÙƒÙ‡ الكيدية السياسية والولاء التقليدي لهذا «Ø§Ù„بيت السياسي» أو ذاك. وأخيرا، لا آخرا ÙÙŠ انتخابات 2009ØŒ العامل المادي.
قد يبدو من المبالغة القول بأن «Ø§Ù„كيدية السياسية» تتقدم على الخيار المبادئي لدى العديد من الناخبين اللبنانيين. ولو تسنى للقيمين على عمليات استطلاع الرأي سؤال «Ø§Ù„مصوّتين» عما إذا كان التصويت «Ø¶Ø¯» سياسي ما أهم لديهم من التصويت «Ù…ع» سياسي ما… Ù„Ùوجئوا بنسبة «Ø§Ù„كيديين» بين المصوّتين.
عمليا، تصعب تبرئة النظام الانتخابي من مسؤولية Ø¯ÙØ¹ العديد من اللبنانيين إلى التركيز على مقارعة الخصم، وتجريØÙ‡ØŒ قبل مؤازرة الØÙ„ي٠وتأييده، Ùلو كان نظاما انتخابيا نسبيا يرتكز على Ù„ÙˆØ§Ø¦Ø ØØ²Ø¨ÙŠØ© Ù…ØªÙ†Ø§ÙØ³Ø© لكان رد العامل الشخصي ÙÙŠ Ø§Ù„Ù…Ù†Ø§ÙØ³Ø© الانتخابية إلى الدرجة الدنيا وأجبر المرشØÙŠÙ† والناخبين على تركيز ØÙ…لاتهم على Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© تأمين أكبر نسبة ممكنة من الأصوات Ù„Ù„ØØ²Ø¨ Ù€ أو المبدأ Ù€ الذي يؤيدون، وخÙ٠بالتالي من عامل الكيدية الشخصية ÙÙŠ خياراتهم وقلل من Ø§Ù„ØØ§Ø¬Ø© إلى لجوء Ø§Ù„Ù…Ø±Ø´Ø Ø¥Ù„Ù‰ لغة Ø§Ù„Ø±Ø¯Ø ÙÙŠ خطابه الانتخابي.
لذلك، وكي لا ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø§Ù†ØªØ®Ø§Ø¨Ø§Øª اللبنانية مناسبة السياسيين المتجددة كل أربع سنوات «Ù„دبّ الصوت» ÙˆØ§Ù„ØªØ¬Ø±ÙŠØ Ø¨Ø¹Ø¶Ù‡Ù… ببعض، والإساءة بالتالي إلى النظام الديمقراطي Ù†ÙØ³Ù‡ØŒ قد يكون المطلوب من ذوي الرؤية المستقبلية من نواب البرلمان الجديد Ù€ إن Ø£ØªÙŠØØª لهم ÙØ±Øµ Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ù€ التقدم بمشروع قانون انتخابي جديد يعتمد النسبية والتمثيل Ø§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠ ÙˆÙŠØ²ÙŠÙ„ عوامل Ø§Ù„Ø§ØØªÙƒØ§Ùƒ الكيدي الشخصي بين اللبنانيين.. وقبل هذا وذاك مشروعا يلغي الطائÙية السياسية من التمثيل النيابي ÙˆÙŠØØµØ±Ù‡Ø§ بالتمثيل المتساوي ÙÙŠ مجلس الشيوخ الذي اقترØÙ‡ دستور الطائ٠عام 1989ØŒ ولا يزال يغط ÙÙŠ سبات عميق رغم أنه Ù€ وربما لأنه Ù€ يساوي الطوائ٠اللبنانية ÙÙŠ تمثيلها السياسي.