القاضي والإداري
وُلِدَ الشيخ شفيق الخازن بن بربر بك الخازن أمير آلاي الجند اللبناني ، والسيدة تريز غندور بك السعد شقيقة حبيب باشا السعد سنة 1905 في غوسطا.
تلقّن مبادىء الدراسة لدى أستاذ خاص، ومن ثمّ أُدخِلَ مدرسة عينطورة حيث أتمّ دراساته الثانوية حائزا" على شهادة الباكالوريا قسم الرياضيات.
وعلى الأثر دخل كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف، وتخرّج منها سنة 1926 مجازا" في الحقوق.
تأهّل سنة 1931 من الآنسة ماري إبنة الشيخ يوسف مسعد وأنجب خمسة أولاد وهم :
– ماري تريز : زوجة رينيه حمصي وقد عاجلها الموت سنة 1981 ولم تبلغ التاسعة والأربعين من العمر، ولها إبنة (لينا) زوجة الشيخ بديع حبيش.
– الشيخ فاروق : له إبنتان ليزا ولارا.
– الشيخ فادي : له ثلاثة أولاد : مالك، منال وميساء.
– الشيخ وليد : له أربعة أولاد : ساري، شفيق، نور وتيماء.
– ساريا : زوجة الدكتور جون أرسلان، ولهما ولدان : ماريا وفيكتور.
سنة 1927، عُيِّنَ قاضيا" في المحاكم المختلطة وتقلّب في سلك القضاء لغاية سنة 1952، حيث شغل عدّة مناصب في المحاكم المختلطة، ومن ثمّ كقاضٍ منفردٍ في زغرتا وطرابلس؛ وبعدها عُيِّن قاضي إحالة في بيروت أيّ المرجع الإستئنافي لقرارات قاضي التحقيق، وكانت صلاحياته ذاتها كصلاحيات الهيئة الإتهامية التي استُحدِثَت من بعد.
إشتهر بإجتهاداته النيّرة من خلال أحكام وقرارت نُشِرَت في المجلات المختصّة.
بعدها عُيِّن رئيسا" لمحكمة إستئناف بيروت ورئِس غرفة جرائم المطبوعات وعدّة غرف أخرى.
في سنة 1952، عُيِّن مديرا" للداخلية وكانت هذه المديرية في ذلك الحين تضطلع بأهمّ وأوسع المسؤوليات في ميادين الأمن والإدارة؛ كانت إذا" هذه المديرية تشمل مديرية الأمن العام، الشرطة، الدرك، الأحوال الشخصية، اللاجئين، المحافظين، القائمقامين والبلديات، إلخ 000.
لم يلبث في تحمّل هذه المسؤوليات سوى بضعة أشهر تبعتها إقالة المديرين العامين وإستقالة رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري وإنتخاب الرئيس كميل شمعون.
سنة 1953، عُيِّن محافظا" للبقاع.
وسنة 1956، مفتشا" عاما" للدولة.
وسنة 1958 أعيد تعيينه مديرا" للداخلية وكانت الثورة قد اشتعلت.
بقيَ مديرا" للداخلية لغاية بلوغه السنّ القانوني للتقاعد سنة 1969، أيّ بعد عهد الرئيس بشارة الخوري خلال عهود الرؤساء شمعون وشهاب والحلو.
عُرِف الشيخ شفيق لرصانته وإستقامته ونزاهته، فكان قلّما يتكلّم، حازما" وصدوقا".
على أثر وفاة الشيخ فريد هيكل الخازن، قامت حركة شعبية طالبت فيه مرشّحا" خلفا" للزعيم الراحل، إلاّ أنّ طبيعته الهادئة جعلته يعتكف عن خوض المعترك السياسي.
ومنذ سنة 1952، بدأ يلمس الأخطار المحدقة بلبنان داخليا" والتي من شأنها كما كان يردّد أن تعرّض الوطن لأطماع الطامعين، فكان يردّد مثلا" أنّ الإدارة اللبنانية ليست صالحة لتثبيت معالم الدولة نظرا" لكونها مسيّسة تبعا" لمحسوبيات مناطقية وطائفية، ولكن والأهمّ برأيه كان قلّة جدّية السياسيين في المشاركة الفعلية في عملية بناء الدولة، بمعنى أنّ السياسيين المؤتمنين مبدئيّا" على مؤسسات الدولة كانوا هم بالواقع من يستخفّ بالمؤسسة بالذات ويريدون دوما" تطويعها لمصالحهم الشخصية سواء أكانت مادية أم إنتخابية.
حامل أوسمة عديدة لبنانية وأجنبية، إشترك في مؤتمرات دولية ومحلية، وتقدّم بعدد وافر من مشاريع القوانين خاصة" الإدارية منها المتعلّقة بتنظيم دوائر الوزارات ووزارة الداخلية ، كما أشرف على دورات إنتخابية عدّة ووضع الدراسات عن قانون الإنتخابات، كان رأيه سديدا" يلجأ إليه القاصي والداني للإستشارة والأخذ برأيه وبحكمته وبخبرته.
توفّى في 23 آب 1977 بعد مرضٍ عضالٍ، ودُفِنَ في كنيسة بيته مار أنطونيوس البادواني في غوسطا.
وقال في تأبينه الشاعر التغلبيّ :
لستُ أرثي الصديقَ، آرثي الهُماما
خسِرَ الأرزُ حجَّة" وحُساما
وبكى العدلُ في الشفيقِ نصيرا"
وبكى الحُكمُ مُذ توارى إماما
طيّبُ القلبِ والسريرةِ والخُلق
فيا قبرُ وفّهِ الإكراما
واسع العلمِ واسعُ الصدرِ حتى
تحسَبَ البحر صدرَهُ والغَماما
عاشَ ما عاشَ للمعالي مِثالا
وللُبنانَ عامَلا" مِقداما
لا أُطيلّ الكلامَ في ساعةِ الرَمسِ
فقد كانَ لا يُطيلُ الكلاما
يفعلّ الفعلَ ثبتا المعيَّا
فيُريكَ الأعمالَ بيضا" جِساما
ريّنّ الصدرَ ألفُ وسامٍ
وبإخلاصِه آزانَ الوِساما
ما بنون الأشبالُ إلاّ غصونّ
دوحةُ العَزّ لا تجَفُّ فطّاما
كُلَّما حلَّ في الغصونِ فناءّ
أنبَتَ الجِذعُ أغصُنا" تترامى
فسلامٌ على الفضائِلَ تثوي
ويظلٌّ التذكارُ يَحبو السلاما