سجعان قزي
@AzziSejean
قد تكونُ المفاوضاتُ حولَ الثروةِ النَفطيّةِ والغازيّةِ بين لبنان وإسرائيل نَجحت وانتَهت قبلَ أن تبدأَ ما دام لبنانُ تخلّى عن اعتمادِ الخطِّ 29 وعن المطالبةِ بحِصّةٍ في حقلِ “كاريش”. والتوقيعُ على الاتفاقِ صار مسألةَ وقتٍ تُحدّدُه ملابساتُ الاستحقاقاتِ الحكوميّةِ والرئاسيّةِ في لبنان والتطوّراتُ الإقليميّةُ والدوليّةُ المتدافِعة.
وقد تكون الحربُ أيضًا بين إسرائيل وحزبِ الله وَقعَت وانتهَت. ولائحةُ رئيسِ أركانِ الجيشِ الإسرائيليِّ أڤيڤ كوخاڤي (12 حزيران) التي عدّدَ فيها الدمارَ المنتظَر أن يَلحَقَ بلبنان، هي بَيانُ ختامِ الحربِ لا بَيانَ إعلانِها. وهكذا كان خِطابُ التهديدِ الذي شَهرَه السيّد حسن نصرالله في وَجهِ إسرائيل (09 حزيران). بالتالي، يكون نصرالله وكوخاڤي على “عِلمٍ مُسبَقٍ” بالأهوالِ التي ستَنتُجُ عن حربٍ بالغَلَط اليومَ أو عن حربٍ مقرَّرةٍ لاحقًا.
الإشكاليّةُ أنَّ اندلاعَ العنفِ في الجَنوبِ ليس قرارًا لبنانيًّا وإسرائيليًّا فقط، بل تُشاركنا فيه إيران التي تَستخدمُ لبنانَ ورقةَ ضغطٍ في مفاوضاتِها وصِراعاتها مع أميركا وإسرائيل. لذلك يَقتضي الحذَرُ حيالَ المفاوضاتِ والحربِ، عِلمًا أنَّ الدولَ المعنيّةَ بالحربِ في لبنان والمِنطقة (إسرائيل وإيران وأميركا) لا تريدُ الحربَ، فيما الدولُ التي لا تُحاربُ تريدُها.
إنَّ امتناعَ حزبِ الله عن القيامِ بعملٍ عسكريٍّ، لن يوقِفَ، بالضرورةِ، إسرائيلَ عن استخراجِ الغازِ من حقلِ “كاريش”، إنّما يُعفيها من القيامِ بعملٍ عسكريٍّ لضمانِ استخراجِه. بينما قد يَرتَــئي حزبُ الله القيامَ بذلك في حالِ اعتَبر نفسَه، لا الدولةَ اللبنانيّةَ، مرجِعيّةَ القرارِ في ترسيمِ الخطوطِ والحدود، في حالِ واصلت إسرائيلُ استخراجَ الغاز من “كاريش” قبل انتهاءِ المفاوضاتِ الإسرائيليّةِ/اللبنانيّةِ برعايةِ الولاياتِ المتّحدَةِ الأميركيّة. إنَّ واشنطن عاجزةٌ عن إقناعِ إسرائيل بتجميدِ عمليّةِ الاستخراجِ إلى حين تنتهي المفاوضات، لكنّها قادرةٌ على إقناعِها بأن تقومَ السفينةُ “إنرجين باور” بعملِها وهي راسيةٌ جنوبيَّ الخطِّ 29 (نظريّةُ الشَفْط). هذا يعني عمليًّا أن حقلَ “كاريش” صار حُكمًا خارجَ إطارِ المفاوضات وتَـمّ التسليمُ به لإسرائيل.
بعيدًا عن شعارِ “وِحدة الموقِفِ اللبنانيّ”، التنازلاتُ التي قدّمَتها الدولةُ اللبنانيّةُ ـــ بتسهيلِ الثنائيِّ الشيعيِّ وعينَيه الساهرتَين ـــ متقدِّمةٌ، لكنّها غيرُ كافيةٍ لانتزاعِ موافقةِ إسرائيل عليها ولاستئنافِ الاجتماعاتِ اللبنانيّةِ/الإسرائيليّةِ في الناقورة التي توقَّفَت في الرابعِ من أيّار 2021. والخَشيةُ أن تناورَ إسرائيل فتُميِّزَ بين الطرحِ الإطارِ الذي أبلَغه رئيسُ الجُمهوريّةِ ميشال عون قبلَ يومين إلى الموفَدِ الأميركيّ، والاتّفاقِ الإطارِ الذي عرضَه رئيسُ مجلس النواب نبيه برّي باسم لبنان سنةَ 2020، خصوصًا أنَّ بِرّي أعاد التذكيرَ به أمام هوكشتاين واعتبرَه المرجعيّةَ الفُضلى.